ثم قال: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ فلا يكون ضمه أولئك مع ما قبلهم، بدليل أن حكمهم مثل حكمهم، ولكن الذي أباح بهذه الآية للمملوكين من النظر إلى النساء إنما هو ما ظهر من الزينة، وهو الوجه والكفان.
وفي إباحته ذلك للمملوكين، وليسوا بذوي أرحام محرمة دليل على أن الأحرار الذين ليسوا بذوي أرحام محرمة من النساء في ذلك كذلك.
وقد بين هذا المعنى ما في حديث عبد بن زمعة من قول رسول الله ﷺ لسودة:"احتجبي منه" فأمرها بالحجاب منه، وهو ابن وليدة أبيها، وليس يخلو أن يكون أخاها، أو ابن وليدة أبيها، فيكون مملوكا لها، ولسائر ورثة أبيها، فعلمنا أن النبي ﷺ لم يحجبها منه، لأنه أخوها، ولكن لأنه غير أخيها وهو في تلك الحال مملوك، فلم يحل له برقه النظر إليها.
فقد ضاد هذا الحديث حديث أم سلمة، وخالفه، وصارت الآية التي ذكرنا على قول هذا الذاهب إلى حديث سودة أنها على سائر النساء دون أمهات المؤمنين، وأن عبيد أمهات المؤمنين كانوا في حكم النظر إليهن في حكم الغرباء منهن الذين لا رحم بينهم وبينهن لا في حكم ذوي الأرحام منهن المحرمة.
وكل من كان بينهم وبينهن محرمة فهو عندنا في حكم ذوي الأرحام منهن المحرمة في منع ما وصفنا ثم رجعنا إلى النظر لنستخرج به من القولين قولا صحيحا،