فإن قال قائل: إن حكم الظهر أن يعجل في سائر الزمان، ولا يؤخر، كما روي عن رسول الله ﷺ في حديث خباب وعائشة وجابر وأبي برزة ﵃ وإنما كان من رسول الله ﷺ، من أمره إياهم بالإبراد رخصة منه لهم لشدة الحر، لأن مسجدهم لم يكن له ظلال، وذَكَر في ذلك ما روي عن ميمون بن مهران فيه كما قد.
١٠٥٤ - حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران، قال: لا بأس بالصلاة نصف النهار وإنما كانوا يكرهون الصلاة نصف النهار، لأنهم كانوا يصلون بمكة وكانت شديدة الحر ولم يكن لهم ظلال، فقال: أبردوا بها (١).
قيل له: هذا كلام يستحيل، لأن هذا لو كان كما ذكرت لما أخرها رسول الله ﷺ وهو في السفر، حيث لا كنّ ولا ظلّ على ما في حديث أبي ذر، ويصليها حينئذ في أول وقتها، من غير كنّ ولا ظلّ. فتركه الصلاة حينئذ دليل على أن ما كان منه من الأمر بالإبراد ليس لأن يكونوا في شدة الحر في الكنّ، ثم يخرجون فيصلون الظهر في حال ذهاب الحر.
لأنه لو كان ذلك كذلك لصلاها حيث لا كنّ في أول وقتها ولكن ما كان منه ﷺ في هذا القول عندنا - والله أعلم - إيجاب منه أن ذلك هو سنتها كان الكن موجودًا أو معدوما، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.