للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو خير أنيس ورفيق في الحضر والسفر، مؤنس في الوحشة، لا يمل حتى تمل أنت منه، تأخذ منه وتعطي فيه، تستفيد من علومه، ويحفظ وينشر علومك ويحملها إلى الآفاق» (١).

التَّصحيف القاتل:

مثال ذلك ما ورد عن توما الحكيم وهو طبيب ولكن تطببه من الكتب، وقد وقع التَّصحيف في بعض كتبه فكان يقرأ «الحية السوداء شفاء من كل داء»، تصحفت كلمة (حبة) إلى (حية) فمات بسبب تطببه خلق كثير.

وفيه قال أبو حيان النحوي:

يظنُّ الغِمرُ أن الكتبَ تَهدي … أخَا فَهمٍ لإدراكِ العلومِ

وما يَدري الجَهُولُ بأنَّ فيها … غوامضَ حيَّرتْ عقلَ الفَهيمِ

إذا رمتُ العلومَ بغيرِ شيخٍ … ضَلَلَتِ عن الصراطِ المستقيمِ

وتَلتبسُ الأمورُ عليك حتَّى … تكون أضلَّ من تُومَا الحَكيمِ (٢)


(١) «اللطائف والظرائف» للثعالبي (ص ٦٧).
(٢) نسبت هذه الأبيات لأبي حاتم، ولأبي حيان التوحيدي، وانظر «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٦٤٥) و «طبقات الشافعية» للسبكي (٩/ ٢٨٦)، و «الموسوعة الشعرية» (ص ١١٥). ويقال: إن توما تثنية توأمين، وهما ابنان لحكيم من الحكماء، وكان أبوهما طبيبًا، فلما مات قام أحدهما مقامه ومهر في الطب، وكان يكتب العلاج لأي مرض يعالجه، وبعد وفاته أراد أخوه أن يحل محله وكان جاهلًا لا يفقه في الطب شيئًا، واعتمد على كتاب أخيه، فبجانب كل مرض الدواء المناسب، وكان إذا دخل عليه مريض لا يخرج سليمًا في الغالب، فلما راجعوه وجدوه قد جمع عددًا من الحيات والثعابين السوداء فلما سألوه قال: مكتوب عندي «الحية السوداء شفاء من كل داء». فتصحف فيه (الحبة) إلى (الحية).

<<  <   >  >>