للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبحث الثامن: أثر التَّصحيف في المتن:

التَّصحيفات التي لحقت بالمتون قد كان لبعضها أثر في أخذ بعض أهل العلم بالحكم المترتِّب على اللفظ المصحَّف، والتَّكلُّف في تأويله بما لا طائل تحته، وإليك بعض الأمثلة من الأحاديث التي أوردناها بإسنادها في هذا السِّفر المبارك.

المثال الأول:

في حديث أسماء بنت عميس ، قالت: لما أُصِيب جعفر بن أبي طالب أمرني رسول الله فقال: «تسلبي ثلاثًا ثم اصنعي بعد ما شئت».

تصحف عند ابن حبان (تسلبي) أي: البسي ثوب الحداد إلى (تسلمي)، وجاز هذا التَّصحيف عليه فأورد الحديث في (باب ذكر الزجر عن نياحة النساء على موتاهن)، وقال عقب الحديث: قوله (تسلمي ثلاثًا) لفظة أمر قُرِنَت بعدد موصوف، قُصِدَ به الحسْمُ عما لا يحل استعمال في ذلك العدد.

وقوله (اصنعي بعد ما شئت) لفظة أمر قُصِدَ به الإباحة في ظاهر الخطاب، مرادها الزجر عن استعمال ما أُمِرَ به، يريد النبي بقوله ما وصفت التسليم لأمر الله جل وعلا في الأيام الثلاث وقبلها وبعدها».

قال الحافظ ابن حجر: «وأغرب ابن حبان فساق الحديث بلفظ (تسلمي) بالميم بدل الموحدة، وفسَّره بأنه أمرها بالتسليم لأمر الله، ولا مفهوم لتقييدها بالثلاث. هذا معنى كلامه، فصحَّف الكلمة، وتكلَّف لتأويلها، وقد وقع في رواية البيهقي وغيره: (فأمرني رسول الله أن أتسلَّب ثلاثًا). فتبين خطؤه، والله أعلم».

<<  <   >  >>