للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه القصة على شهرتها موضع تأمُّل ونظر من وجوه:

الأول: أنها معلقة لم تُسنَد، وأرفع من ذكرها الدارقطني ولم يذكر لها إسنادًا (١)، ولم يذكر أحد من تلامذة ابن المثنى أو معاصريه القصة مع توافر الدواعي لنقل مثلها عنه، ولعل هذا أحد أسباب ذكر بعضهم القصة بصيغة التمريض، أو تعبيرهم بما يشعر أنه معلقة، كما قال الذهبي: «يُروى» (٢)، وقال بعضهم: «ذكره الدارقطني» (٣).

الثاني: أن تلامذة ابن المثنى كالإمام مسلم والنسائي وغيرهم رووا هذا الحديث بعينه من طريق محمد بن المثنى (٤)، ولم يذكر أحد منهم هذه القصة التي ذكرها الإمام الدارقطني عنه.

الثالث: استغراب العلماء واستبعادهم وقوع ذلك من ابن المثنى لجلالة قدره، وعلو منزلته، وهو أحد شيوخ أصحاب الكتب الستة الذين رووا له في كتبهم، ومثله لا يخفى عليه مثل هذا، وقد خرجها بعضهم على أنها خرجت منه مخرج المزاح، لا التصحيف.

قال النووي رحمه الله تعالى: «هذا تصحيف عجيب» (٥).


(١) ينظر: «سؤالات السلمي للدارقطني» (ص ٢٩٥)، «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» للخطيب (١/ ٢٩٥).
(٢) ينظر: «تاريخ الإسلام» (١٩/ ٣١٨).
(٣) ينظر: «شرح التبصرة والتذكرة» للعراقي (٢/ ١٠٦)، «فتح المغيث» للسخاوي (٤/ ٦٤)، «فتح الباقي بشرح ألفية العراقي» للأنصاري (٢/ ١٧٨).
(٤) ينظر: «صحيح مسلم» (٢٧٠)، (٥٠١)، (٥٠٣)، «سنن النسائي» (٤٧٠)، «السنن الكبرى» للنسائي (٣٤٣).
(٥) «إرشاد طلاب الحقائق» (٢/ ٥٧٠).

<<  <   >  >>