للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحاديث منها حديث أسماء هذا وهو الأصل فيما يتعلق بالثياب، وحديث الصب على بول الأعرابي وهو الأصل في تطهير الأرض، ومنها الصب والنضح على الثوب الذي بال عليه الصبي، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أكثر عذاب القبر في البول"؛ قال ذلك في الذي كان لا يتنزه عنه ولا يستتر من بوله، والآثار في ذلك كثيرة جدًّا.

قالوا (١): ولما أجمعوا على أن الكثير من النجاسة واجب غسله من الثوب والبدن، وجب أن يكون القليل منها في حكم الكثير كالحدث قياسًا ونظرًا، لإجماعهم على أن قليل الحدث مثل كثيره في نقض الطهارة وإيجاب الوضوء.

وممن ذهب إلى إيجاب غسل النجاسات وإزالتها من الثوب والأرض والبدن فرضًا الشافعي وأحمد وأبو ثور، وإليه مال أبو الفرج المالكي.

وقال آخرون: هو سنة، وذكروا عن سعيد بن جبير أنه قال لمن خالف في ذلك: اقرأ عليّ آية تأمر بغسل الثياب. قالوا: وأما قوله عزَّ وجلَّ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، فهذه كناية عن الكفر وتطهير القلب لله، ألا ترى أنه عطف على ذلك قوله: "والرجز فاهجر"؛ يعني: الأوثان فكيف يأمره بتطهير الثياب قبل ترك عبادة الأوثان!

قالوا: والعرب تقول: فلان نقي الثوب وطاهر الجيب، إذا كان مسلمًا عفيفًا؛ يكنون بذلك عن سلامته ولا يريدون بذلك غسل ثوبه من النجاسات. قالوا: ودليل ذلك أن هذه السورة نزلت قبل نزول الشرائع من وضوء وصلاة وغير ذلك، وإنما أريد به الطهارة من أوثان الجاهلية وشركها ومن الأعمال الخبيثة.

وروى جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن أبي رزين في قوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، قال: عملك أصلحه، قال: كان الرجل إذا كان حسن العمل قيل: فلان طاهر الثياب.


(١) وعند ابن عبد البر في التمهيد (٢٢/ ٢٣٣): وقال بعض من يرى غسل النجاسة فرضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>