للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١١٠ - باب ما جاء في التيمم]

وأما ما وقع في حديث أبي (١) داود الذي ذكرناه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح إلى أنصاف ذراعيه؛ فلم يقل به أحد من العلماء فيما نعلم.

وأما اختلافهم في استيعاب الوجه والكفين فقال بعضهم: يجزئ المسح وإن لم يصب إلا بعض اليدين، وإليه ذهب أبو أيوب (٢) سليمان بن داود الهاشمي وغيره وهو مذهب أهل الظاهر (٢)، واستدل بعض القائلين بذلك بقوله تعالى: {وامسحوا بوجوهكم وأيديكم}، على أنه يجزئ مسح البعض في ذلك، ورأى أن الباء في هذه الآية كالباء في قوله تعالى: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم}، وأنها للتبعيض، وهذا غير صحيح؛ فإن الباء هنا لا تدل على شيء من ذلك؛ وقد قال تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق}، ولو طاف أحد ببعض البيت لم يجز بإجماع.

وقال الشافعي (٣): وإن ترك من وجهه أو من ذراعيه شيئًا لم يصل الغبار إليه وإن قلّ لم يجزئه.

وقال أبو حنيفة: إن ترك أقل من قدر الدرهم أجزأه وكان معفوًا عنه، وإن ترك قدر الدرهم فصاعدًا لم يجزه، وبنى ذلك على أصله في أن قدر الدرهم حد للعفو (٤) عنه في النجاسة فصار أصلًا للعفو (٥) في التيمم، ثم استدل بأن الغسل إذا أبدل


(١) السنن كتاب الطهارة (١/ ١٦٥) برقم ٣٢٣ باب التيمم، وهو حديث ضعيف، انظر الإمام لابن دقيق العيد (٣/ ١٣٥ - ١٣٩) والتلخيص الحبير (١/ ٢٣٦) برقم ٢٠٦ ونصب الراية (١/ ١٥١ - ١٥٣).
(٢) انظر المحلى (٢/ ١٤٦) و (٢/ ١٥٧).
(٣) الحاوي الكبير للماوردي (١/ ٢٤٨) ولم يشر المصنف إلى ذلك كعادته.
(٤) في الحاوي للمعفو عنه في النجاسة.
(٥) زاد الماوردي للمعفو عنه في التيمم.

<<  <  ج: ص:  >  >>