للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا، ثم هي في حق من أقدر عليها وملكّها وقام بالواجب فيها، ولم تشغله عن ربه درجة عليا وهي درجة نبينا - صلى الله عليه وسلم - الَّذي لم تشغله كثرتهن عن عبادة ربه، بل زاده ذلك عبادة لتحصينهن وقيامه بحقوقهن واكتسابه لهن وهدايته إياهن، بل صرح أنها ليست من حظوظ دنياه هو وإن كانت من حظوظ دنيا غيره؛ فقال: "حبب إلي من دنياكم ... " (١) فدل أن حبه لما ذكر من النساء والطيب اللَّذَيْن هما من أمر دنيا غيره واستعماله لذلك ليس لدنياه بل لأخرته، للفوائد التي ذكرناها في التزويج وللقاء الملائكة في طيب، ولأنه مما يحض على الجماع ويعين عليه ويحرك أسبابه، وكان حبه لهاتين الخصلتين لأجل غيره وقمع شهوته، وكان حبه الحقيقي المختص بذاته في مشاهدة جبروت مولاه ومناجاته، ولذلك ميز بين الحبين وفصل بين الحالين، فقال: "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، فقد ساوى يحيى وعيسى في كفاية فتنتهن وزاد فضيلة بالقيام بهن.

وكان - صلى الله عليه وسلم - ممن أقدر على القوة في هذا وأعطي الكثير منه ولهذا أبيح له من عدد الحرائر ما لم يبح لغيره، وقد روينا عن أنس: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يدور على نسائه في الساعة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة (٢).

قال أنس: "وكنا نتحدث أنَّه أعطي قوة ثلاثين رجل". خرجه النسائي (٣) وروي نحوه عن أبي رافع (٤).


(١) أخرجه النسائي في سننه كتاب عشرة النساء (٧/ ٧٢) برقم ٣٩٤٩ و ٣٩٥٠ باب حب النساء وفي الكبرى كتاب عشرة النساء (٨/ ١٤٩) برقم ٨٨٣٦ و ٨٨٣٧ باب حب النساء وأحمد في المسند (٣/ ٢٨٥)، وقال الحافظ في التلخيص (٣/ ١١١٨) وإسناده حسن.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) خرجه النسائي في السنن الكبرى (٨/ ٢٠٧) برقم ٨٩٨٤.
(٤) وقد سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>