للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: توارت حتى استترت: هو تفاعلت من الوراء، وقوله: حتى توارت بالحجاب: ولم يجر للشمس ذكر إحالة على فهم السامع وما تعطيه قوة الكلام كما قال تعالى: {حتى توارت بالحجاب} أيضًا وإن لم يجر للشمس ذكر.

وقال تعالى: {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة}؛ ولم يتقدم للأرض ذكر، وكذلك قوله: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}؛ ولم يتقدم للقرآن ذكر.

قال الخطابي: قد قيل: إن الصحابة لما جمعوا القرآن وضعوا سورة القدر عقيب سورة العلق ليدلوا بذلك على أن المراد بالكناية في قوله: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} الإشارة إلى قوله: {اقرأ}.

وأما لفظ الترمذي: "إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب" فجملتان إحداهما تفسر الأخرى.

وقوله: كنا نصلي المغرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله: معناه أنه يبكر بها في أول وقتها بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف ويرى أحدنا النبل يرميه عن قوسه ويبصر موقعه لبقاء الضوء.

وفيه أن المغرب تعجل عقيب غروب الشمس، وهذا مجمع عليه. وأما الأحاديث السابقة في تأخير المغرب إلى سقوط الشفق فكانت لبيان جواز التأخير، فإنها كانت جواب السائل عن جميع الوقت، وهذه الأحاديث إخبار عن عادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتكررة التي واظب عليها إلا لعذر. وقد اختلف السلف فيها بحسب ذلك، هل هي ذات وقت أو وقتين كما نذكره.

وأما أول وقتها فبغروب الشمس وبكامل غروبها، وهذا مجمع عليه، والاعتبار بسقوط قرصها بكماله، وهذا ظاهر في الصحراء، قال الشيخ أبو حامد والأصحاب:

<<  <  ج: ص:  >  >>