وإلى الثاني ذهب الثوري والليث بن سعد، وهو المشهور من مذهب مالك؛ قالوا: لأن فعلها قبل الفائتة تزيدها فواتًا، ولأنها ليس في الذمة منها شيء فيجب قضاؤه، فإن أراد أن يقضي فليصل مستأنفًا.
وعن أبي حنيفة: إن فاتت الرواتب مع الفرائض قضيت، وإن فاتت وحدها فلا. ونقل بعض الأصحاب عن مذهبه أنه لا يقضي منها إلا ركعتا الفجر إذا فاتت مع الفرض. وحكى صاحب "النهاية" قولًا ثالثًا أن ما استقل منها ولم يتبع غيره كالعيدين والضحى قضى لمشابهته الفرائض، وما كان تابعًا لغيره كالرواتب لا تقضى.
الثامنة: قوله: "لا كفارة لها إلا ذلك"، فيه وجهان:
أحدهما: أنه لا يكفرها غير قضائها، ولا يجوز تركها إلى بدل آخر.
والثاني: أنه لا يلزمه في نسيانه شيء ولا كفارة لها من مال ولا غيره، وإنما يلزمه أداؤها.
التاسعة: الكفارة والتكفير: الستر والتغطية، قال لبيد:
في ليلة كفر النجوم غمامها ...
فحقيقته الشرعية في التغطية على الإثم وستره، فأما في حق العامد فهي على بابها، وأما في حق غير العامد الذي لا إثم عليه فمن باب مجاز التشبيه، ولما كان التارك عمدًا يشبه التارك سهوًا في الصورة بجامع الترك أطلق على القضاء في حقه كفارة، كما أطلق عليه في حق الأول، وإذا أطلقت الكفارة في حقهما على السواء ففيه استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه.
العاشرة: قوله تعالى: {أقم الصلاة لذكري}؛ خرج مخرج الاحتجاج على