للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاقتضى العموم، ومثله قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جاء يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف؟ قلت: الدعاء إلى الخير عام في التكاليف من الأفعال والتروك، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاص فجيء بالعام ثم عطف عليه الخاص إيذانًا بفضله كقوله: {الصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فيؤخذ منه ترجيح قول من قال إنها العصر لما في ذلك من النصوص: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" وقوله - عليه السلام - أيضًا: "من ترك صلاة العصر حبط عمله" وقوله - عليه السلام - أيضًا حين صلاها بالمخمص: "إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلنا فضيعوها وتركوها فمن حافظ عليها منكم أوتي أجرها مرتين"، والباب في هذا واسع.

الخامسة: وإن قلنا التوسط يرجع إلى العدد فإما أن نريد عدد ركعات الصلوات أو أعداد الصلوات نفسها، فإذا أردنا الأول اقتضى أنها المغرب، لأن أعداد ركعات الصلوات أكثره أربع وأقله ركعتان. فالمتوسط ثلاث وهو المغرب، وإن أردنا الثاني صلح لكل واحد من الخمس لما اقتضاه العدد الفرد وذلك لأنه ما من صلاة إلا وهي بين شفعين.

السادسة: وإن أريد بالتوسط التوسط في الزمان، قال بعض المالكية: كان الأبين أنها الصبح، لأنها بين صلاتي نهار محقق وهما الظهر والعصر وبين صلاتي ليل محقق وهما المغرب والعشاء، فأما وقت الصبح فوقت متردد بين الليل والنهار. انتهى.

وإنما يتم هذا على القول بأن ما بين الفجر إلى طلوع الشمس ليس من الليل ولا من النهار، بل هو وقت مستقل وهو ضعيف ولو اعتمد في نصرة مذهبه على دعوى أن وقتها أشق الأوقات فكانت أفضل بذلك لكان أقرب، على أنه لا يسلم من

<<  <  ج: ص:  >  >>