للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن مدرك الركعة مدرك للصلاة فلا يصح بدليل قوله - عليه السلام -: "ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" وبفعل (١) النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث فاتته ركعة من صلاته خلف عبد الرحمن بن عوف، فلما سلم عبد الرحمن قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى الركعة التي سبقه بها. وقد روى أبو بكر البزار حديث: "من أدرك ركعة من الصلاة"، فقال فيه: "فقد أدرك الصلاة كلها إلا أنَّه يقضي ما فاته"، فلا خلاف في ذلك فتعين تأويل شيئين كما يأتي.

الثانية: قيل: معناه فقد أدرك الوقت أي إن أتم ما بقي عليه بعد طلوع الشمس أو غروبها فقد أدرك من وقتها ما قام له مقام من أدركها كلها في الوقت وقد روى الحديث محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صلى سجدة واحدة من العصر قبل غروب الشمس ثم صلى ما بقي بعد غروب الشمس فلم يفته العصر"، وقال مثله في الصبح، ورواه إسماعيل بن عياش عن زيد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس وصلى الأخرى بعد طلوع الشمس فقد أدرك" وقال مثله في العصر.

الثالثة: اختلف السلف في القدر الزائد على ما سبق في المواقيت من امتداد وقت هاتين الصلاتين إلى الطلوع والغروب، فقال قوم منهم أبو حنيفة: هو زيادة بيان على البيان السابق في حديث المواقيت والوقت يمتد مطلقًا لسائر الناس على ما في هذا الحديث.

وفرق الأكثرون بين وقت أرباب الرفاهية ووقت أرباب الأعذار فحملوا ما تقدم على الوقت في حق أرباب الرفاهية مختارة وجائزة وحملوا ما في هذه الأحاديث على الوقت لأرباب الأعذار الذين يأتي ذكرهم.


(١) في نسخة السندي: ولفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>