للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصوت أرق لسامعيه، وقال الفقهاء من أصحابه: فلو وجد مؤذن حسن الصوت يطلب على الأذان رزقًا وغير حسن الصوت يتبرع بالأذان فأيهما يؤخذ؟ فيه وجهان أصحهما يرزق حسن الصوت وهو قول ابن سريج.

قال الزبير بن بكار: كان أبو محذورة أحسن الناس أذانًا وأنداهم صوتًا، ولبعض شعراء قريش في أذان أبي محذورة:

أما ورب الكعبة المستورة ... وماتلا محمد من سورة

والنغمات من أبي محذورة ... لأفعلن فعلةً مذكورة

الحادية والعشرون: وقوله: "أو أمد صوتًا منك" فيه رفع الصوت بالأذان، وينبغي للمؤذن أن يرفع الصوت بالأذان، وأن يبالغ ما لم يجهده لأنه أمر بالمجيء إلى الصلاة، فكلما كان أدعى لإسماع المأمورين بذلك كان أولى، ولقوله - عليه السلام - لأبي محذورة: "ارجع فارفع صوتك" وهذا أمر برفع الصوت ولقوله - عليه السلام -: "المؤذن يغفر له مدى صوته" أي يستكمل مغفرة الله إذا استنفذ وسعه في رفع صوته فيبلغ الغاية في المغفرة إذا بلغ الغاية في الصوت.

وقيل هو تمثيل كأنه يقول لو كان بين المكان الذي يؤذن فيه والمكان الذي يبلغه صوته ذنوب تملأ تلك المسافة لغفرها الله له. وقد قال - عليه السلام -: "إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان" الحديث. وطرد الشيطان فعل حسن، قال أبو عمر: وفي هذا الحديث فضل عظيم للأذان، ألا ترى أن الشيطان يدبر منه ولا يدبر من تلاوة القرآن في الصلاة بدليل قوله: "فإذا قضى التثويب أقبل".

وروى ابن القاسم وابن وهب عن مالك قال: استعمل زيد بن أسلم على معدن بني سليم وكان معدنًا لا يزال يصاب الناس فيه من قبل الجن، فلما وليهم شكوا ذلك إليه فأمرهم بالأذان وأن يرفعوا أصواتهم به ففعلوا فارتفع ذلك عنهم فهم

<<  <  ج: ص:  >  >>