إما أن يكون الصبي لا يؤمن لهوه ولعبه، وإما أن يكون كره له التقدم في الصف لمنعه الشيوخ من ذلك الموضع وذكر عن أحمد بن حنبل أنه كان يذهب إلى كراهة ذلك قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل كره أن يقوم مع الناس في المسجد خلف الإمام إلا من قد احتلم وأنبت وبلغ خمس عشرة سنة فقلت له: أو أثنتي عشرة سنة أو نحوها قال: ما أدري فقلت له: فكأنك تكره ما دون هذا السن فذكرت له حديث أنس: واليتيم وراءنا، قال: ذلك في التطوع.
فيه تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام لأنه أولى بالإكرام ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو ما لا يتفطن له غيره ولأنهم أمسّ بضبط صفة الصلاة وحفظها ونقلها وتبليغها الناس وليقتدي بأفعالهم من وراءهم.
ويؤخذ من التقديم في هذا المحل التقديم فيما أشبهه من الإمامة ومواقف القتال ومجالس القضاء والعلم والتدريس وما يجري مجرى ذلك فيكون الناس في كل الأمور على طبقاتهم من المعرفة والعلم والدين والعقل والشرف.
وقد قالت عائشة رضي الله عنها: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننزل الناس منازلهم.
قوله - عليه السلام -: (وإياكم وهيشات الأسواق) بفتح الهاء وإسكان الياء آخر الحروف وبعدها شين معجمة أي: اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها. وقد تقدم الكلام على قوله:(ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم) في الباب قبل هذا.