للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة"، بسند ذكر بنحوه حديث: "أين كان ربنا قبل أن يخلق سماواته وأرضه؟ "، فصحح الأول وحسّن الثاني، ولا خفاء بما بينهما من التفاوت في الشهرة والمتابعات".

ومما وَقَع لابن القطان في الاعتراض على عبد الحق: "الحديث يخرجه معزوًّا إلى مكان، قد يُخالِف لفظه الذي عنده، لفظ الكان المعزو إليه بزيادة أو نقص، فيخرج اللفظة المزيدة ويعترض عليه بها، ثم يُلزم للاعتراض مَن وقع له ذلك، من بقية مستدل بذلك الحديث، أو مُحَدِّث ضمنه مُصنَّفه أو مُسنَده.

وليس ذلك مِن تصرفه على الإطلاق سديدًا، إذ الكلام مع كل قوم على قدر مصطلحهم، وإلزامهم ما التزموه، ولا يلزم المحدِّث المخرِّج للحديث تتبع ألفاظه إذًا عزاه إلى كتاب، وإنما يلزمُه وجود أصل الحديث عند مَن عزاه إليه، على هذا بنوا تصانيفهم وتخاريجهم قديمًا وحديثًا.

نعم قد يلزمُ ذلك المستدِل منه بلفظ غير معزو إلى مُخْرِجه، إذ هو الناظر في مدلول ألفاظه، وإذا تبيَّن هذا، فربما كان الحديث ثابتًا في نفسه منتشر الطرق معروفها، وانفرد ثقة بزيادة فيه، فحكمها عندهم بالقبول، وهذا جار على اصطلاح المحدثين، والذي التحقت به أصل لها، كالمتابعة والمشاهد لتفرد الثقة عن جارح.

وفي جري ذلك على اصطلاح المستدل نظر، إذا مشى على ما أصّله الحاكم والخليلي في معنى الشذوذ، وسواء كانت زيادة مطابقة (١) أو متضمنة خُلْفًا أو تخصيصًا.

ثم نقول: إنْ كان الترمذي يرى الشذوذ؛ "تفرد الثقة أو المستور"، من غير اشتراطٍ لمخالفة ما رَوَى الناس، كما اشترطه الشافعي؛ فالشرطان واحد، وقوله:


(١) رسمت كأنها مطلقة، واستظهرت أنها مطابقة، كما أثبتّ أعلاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>