للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بانتقال مانع، ولا يتأدى به بل علله بما يلحق الماء ويحله من الأوساخ والأدران. والحديث يدل على بطلان هذا التعليل بعد الحمل على كون الاغتسال في الجفنة لأنّ الاغتسال في الجفنة هنا موجود فلو منعت هذه العلة التطهير لامتنعت الطهارة، ولم تمتنع الطهارة، فلا يمنع التطهير، ذكر معناه شيخنا الإمام أبو (١) الفتح القشيري. وقال (٢): ومن فسّد (٣) الماء بالاستعمال علل بوجهين: تأدي العبادة، وانتقال المنع (٤)، وقوله - عليه السلام -: إن الماء لا يجنب؛ كالتصريح برد هذه العلة الثانية.

وفيه: إذ الحمل على الاغتسال في الجفنة لا منها، أن التغيّر باليسير من الطاهرات لا يضر لأنّ الغالب أنّه لا بد وأن يحصل في الماء تغيَّر ما بسبب ما لابس البدن من الأدران والأوساخ من الاستدلال بوجود العلة على وجود المعلول لأنّ حكمه - عليه السلام -: أنّ الماء لا يجنب؛ علة لجواز الطهارة به، الذي هو مقصود، فذكر العلة ليدل بها على المعلول، وأما على رواية استعماله له - صلى الله عليه وسلم - فيؤخذ منه العلة من المعلول لأنّ تطهره منه - عليه السلام - لازم لطهوريته فاستعماله له دليل على طهوريته دلالة المعلول على العلة، وقد روي الأمران معًا قوله (٥): "إن الماء لا يجنب"، كما ذكرناه، وأنّه - عليه السلام - اغتسل بفضل ميمونة رضي الله عنها.

* * *


(١) شرح الإلمام (٢/ ١٣٦ - ١٣٧).
(٢) أي ابن دقيق العيد.
(٣) عبارة ابن دقيق العيد: بعض من أفسد الماء بالاستعمال .. إلخ.
(٤) انظر في ذلك بدائع الصنائع (١/ ٦٧)، الحاوي (١/ ٢٩٨)، المجموع (١/ ١٦٠ - ١٦١) شرح الزركشي على الخرقي (١/ ١٢٠ - ١٢٣).
(٥) شرح الإلمام (٢/ ١٤٠ - ١٤١) مع تقديم وتأخير وبتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>