وعلى كلِّ حالٍ فأبو الخطَّاب الكلوذاني أحدُ العلماءِ المعروفين بالفقه والدِّين والصلاح، فرحمه الله وجزاه خيراً.
فيجب أن يكون الحقَّ ضالةُ المؤمن، وأن نعرف الرِّجَالَ بالحقِّ، لا أن نعرف الحق بالرجال، فكلٌّ يؤخذ من قوله ويُرَدُّ، ومذهبُ أهلِ السنَّة والجماعة إنما يُتَلَقَّى عن الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم من الأئِمَّة المَرْضِيِّين، كالإمامِ مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ بنِ حنبل وغيرِهم من أئمَّةِ أهلِ السنَّة كالبخاريِّ ومسلمٍ وغيرِهما من أئمَّةِ الحديث.
فهؤلاء هم الأصلُ في معرفةِ مذهبِ أهلِ السنَّة والجماعة في هذه المسائل التي اضطرب فيها النَّاسُ، كمسألة «الأسماء والصفات»، ومسألة «القدر»، ومسألة «الإيمان»، ومسألة «الصحابة»، فهذه هي المسائل الكبار التي افترقت فيها الأمة، والله تعالى حافظٌ دينَه.
فلا بد أن يبقى لهذا الدِّين مَنْ يحفَظُه ويُجَلِّيه، ويبقى للسُنَّة مَنْ يُحيي ما اندَرَسَ منها، ويُزيح الغشاوة عنها، ويقمع البدع والمحدثات.
ومن أعلام أولئك شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة، الذي أحيا اللهُ به كثيراً من السُّنَن التي أُمِيتَت، وقَمَعَ الله به بِدَعَ المبتدِعِين، ونفع الله به من جاء بعده ومن كان في عصره من المسلمين.
ولا يزال المسلمون - ونحن منهم - يتفيئون ظلال هذه الجهود والدَّعَوات المباركة لسلفنا الصالح، فجزاهم الله عنَّا وعن المسلمين أحسن الجزاء، ونفعنا وإياكم بما علمنا، وثبتنا على دينه، إنه سميعُ الدُّعَاء.
وصلّى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.