فمثلاً الجهمية والمعتزلة يَعُدُّونَ الأشاعرة مُجَسِّمَة؛ لإثباتهم بعض الصفات، والأشاعرةُ يَعُدُّونَ أهلَ السُنَّةِ مُجَسِّمَة؛ لأنهم يثبتون ما تنفيه الأشاعرة من الصفات.
فعند الأشاعرة أنَّ من يُثْبِتُ الوجه، أو اليدين، أو القدمين، أو يُثْبِتُ مثلاً النزول، أو المجيء، أو ما أشبه ذلك من الصفات التي ينفونها، يعتبرونه مُجَسِّمٌ.
فجوابُ النَّاظم فيه إِجمالٌ كثيرٌ، لكن واضحٌ من جوابه أنه يجزم بنفي «الجسم»، فسبيلُه سبيلُ جمهور المتكلمين في نفي «الجسم» عن الله ﷿، ثم إننا لا ندري ما الذي يستلزم التجسيم عنده؟
وقوله:«المُجَسِّمُ عِنْدَنَا كَالمُلْحِدِ» المُلْحِد هو: الكافر بالله ﷿، ولعل الناظمَ أراد بهذا أنَّ المُجَسِّم يشبه المُلْحِد في الافتراء على الله وتَنَقُّصِه، وفي وَصْفِ الله تعالى بما لا يليق به، والله أعلم.
قال الناظمُ ﵀:
١٧ - قَالُوا: فَهَلْ هُوَ في الأَمَاكِنِ كُلِّهَا؟ … قُلتُ: الأَمَاكِنُ لا تُحِيطُ بِسَيِّدِي
قوله ﵀:«قَالُوا: فَهَلْ هُوَ في الأَمَاكِنِ كُلِّهَا»، أي: هل الله ﷿ في كلِّ مكانٍ، حالٌّ في شيءٍ من مخلوقاته؟ كما يقوله فريقٌ من الجهمية الحُلُولِيَّة، الذين يقولون: إن الله بذاته حَالٌّ في كلِّ مكانٍ، تعالى الله عن قولهم عُلوّاً كبيراً.