للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أولاً: الكف عن الخوض فيما شجر بينهم.

والثاني: التماسُ العذر لهم، وإذا كان هذا واجباً في حق جميع المسلمين فهو في حقِّ صحابة رسول الله آكَدُ وأَوجَبُ (١).


(١) ومن جميل ما يُسَطَّرُ في هذا المقام ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في: «العقيدة الواسطية» حيث قال - متحدِّثاً عن منهج أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام : (ويتبرأون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زِيد فيه ونُقص، وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون: إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطؤون.
وهم - مع ذلك - لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصومٌ عن كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يُوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنهم يُغفر لهم من السيئات ما لا يُغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله أنهم خير القرون، وأن المُدَّ من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهباً ممن بعدهم، ثم إذا كان قد صدر عن أحدهم ذنبٌ فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غُفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتُلي ببلاء في الدنيا كُفِّر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المُحقَّقة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين: إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور.
ثم القَدر الذي يُنكَر من فعل بعضهم قليل نَزْر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله ، والجهاد في سبيله، والهجرة، والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح.
ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما منَّ الله عليهم به من الفضائل، علم يقيناً أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله جل شأنه). انتهى.

<<  <   >  >>