ومعنى «قديم» أي: إنَّه لا أوَّلَ له، ولا تتعلقُ به المشيئةُ، وهذا باطلٌ، بل كلامُ الله بمشيئتِه، فهو سبحانه يتكلَّم إذا شاء بما شاء كيف شاء، ولكنَّه لم يزل ﷾ متكلِّماً إذا شاء.
والكُلابيةُ والأشاعرةُ والسالميَّةُ كلُّهم يقولون بِقِدَمِ الكلام، يعني: أنَّ كلامَ الله قديمٌ؛ أي: ليس بمشيئتِه سبحانه، بل هو قائِمٌ به كحياتِه وعلمِه.
والصواب ما عليه أهل السنة والجماعة وهو موجَب العقل والسمع، فالكمال هو أن يتكلَّم القادرُ إذا شاء ويترك الكلام إذا شاء، فكلامه بمشيئته.
قال الناظمُ ﵀:
٢٦ - قَالُوا: الذي نَتْلُوهُ؟ قُلتُ: كَلَامُهُ … لا رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ مُوَحِّدِ
هذا السؤال أورده الناظم ﵀ عن هذا «القرآن» الذي نتلوه بألسنتنا، ونكتبه في مصاحفنا، ونسمعه بآذاننا، ونحفظه في صدورنا.
ويظهر من هذا السؤال أنَّه تكرارٌ لقوله في البيت السابق:«قَالُوا: فَمَا القُرْآنُ؟ قُلْتُ: كَلَامُهُ»، إلا أنَّه قيَّده في هذا البيت ب «التلاوة» فقال: «قَالُوا: الذي نَتْلُوهُ؟» يعني: ما تقول في هذا الكلام الذي نتلوه؟ أهو كلام الله؟ أم هو كلام البشر تعبيراً عن كلام الله؟
فأجاب ﵀ عن هذا السؤال بقوله:«قُلتُ: كَلَامُهُ» أي: أنَّ هذا الذي نتلوه بألسنتنا هو كلامُ الله حَقاً، ولا ريب أنَّ القرآنَ كلامُ الله سواءً كان متلوّاً بالأَلْسُن، أو مكتوباً في المصاحف، أو محفوظاً في الصدور،