قوله:«قَالُوا: فَمَا مَعْنَى اسْتِوَاه؟» أي: ما معنى أن الله استوى على العرش؟ «أَبِنْ لنا»، أي: وَضِّح لنا وبَيِّن.
وقوله:«فَأَجَبْتُهُمْ: هَذَا سُؤالُ المُعْتَدِي»، هذا الجواب يتضمن رفض الجواب ورفض السؤال، ومضمونه أن معنى الاستواء غير معلوم.
فقوله:«هَذَا سُؤالُ المُعْتَدِيْ»، أي: هذا سؤال المتعدي في سؤاله؛ لأن السؤال عن كيفية الاستواء لا يجوز، ولذا قال الإمام مالك في رَدِّهِ على من قال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)﴾ كيف استوى؟ قال:(السؤال عنه بدعة)(١).
وأما السؤال عن معنى الاستواء فلا حرج فيه، وليس هو من الاعتداء في السؤال، ولذا قال الإمام مالك ﵀ في جوابه السابق:(الاستواءُ معلومٌ) يعني: أن الاستواء معلومٌ معناه؛ لأنه لفظٌ معروفُ المعنى في اللغة العربية، والقرآنُ نَزَلَ بلسانٍ عربيّ، والله خاطبَ عبادَه باللسانِ
(١) هذا الأثر مشهورٌ وثابتٌ عن الإمام مالك ﵀، فقد رواه الدارمي في «الرد على الجهمية» (ص ٦٦)، واللالَكَائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (٣/ ٤٤١) رقم (٦٦٤)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (٦/ ٣٢٥)، والأصبهاني في «الحجة في بيان المحجَّة» (٢/ ١٠٦ و ٢٥٧)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٢/ ٣٠٤ - ٣٦٠) رقم (٨٦٦ و ٨٦٧)، والبغوي في «شرح السنة» (١/ ١٧١)، وغيرهم كثير.