إذاً فنحن لا نطلق هذا اللفظ، ولا يجوز أن نقول: إنَّ الله جسمٌ، ولا إنه ليس بجسمٍ، هذا هو منهج أهل السنة والجماعة في هذا اللفظ وأمثاله من الألفاظ المبتَدَعَة.
وأما طوائف المتكلِّمين فجمهورهم كالجهمية والمعتزلة، بل والأشاعرة أيضاً، كلهم ينفون أن يكون الله جسماً، فهم يطلقون هذا اللفظ على سبيل النفي، وكلام الناظم هنا جارٍ على هذا المسلك.
وعند المعتزلة أن جميع الصفات تستلزم الجسمية؛ ولذلك ينفون جميع الصفات؛ لأنه لو قامت به الصفات لكان جِسْماً.
وأما الأشاعرة فعندهم تفصيلٌ في ذلك، فهم يقولون: إن بعض الصفات تستلزم الجسمية، وبعضها لا يستلزم ذلك، فالصفات التي ينفونها تستلزم التجسيم عندهم، وأما الصفات التي يثبتونها فلا تستلزم التجسيم، وهذا من التناقض الذي يقوم عليه مذهبهم، فإن مذهب الأشاعرة قائمٌ على التناقض والتذبذب والتلفيق.
ويقابل هؤلاء كلهم الكَرَّامِيَّة، فإنهم يُثبِتُون لفظ «الجسم» لله ﷿، ويقولون:«إنَّ اللهَ جِسْمٌ».
وكلُّ هؤلاء - النافي والمُثْبِت - مُبتَدِعٌ، فقول الناظمِ ﵀ وعفا عنَّا وعنه -: «قلتُ: المُجَسِّمُ عِنْدَنَا كَالمُلْحِدِ» لا ندري ماذا تحته، هل يعني ب «المُجَسِّم» مَنْ يُطلق هذا اللفظ على الله ويقول: «إن الله جِسْمٌ» كالكَرَّامِيَّة، أو يعني به مَنْ يصف الله ﷿ بصفاتٍ هو يرى أن إثباتها تجسيمٌ؟