ومعاصيهم، وإيمانُهم وكفرُهم، كلُّ ذلك واقعٌ بمشيئةِ الله وقدرتِهِ وتدبيرِهِ الحكيم، فله الحكمة البالغة في كل ما يُقَدِّرُه ويَقْضِيهِ.
وقوله ﵀:«سُبْحَانَه عَنْ أَنْ يُعَجِّزَهُ الرَّدِي» لعله يريد ب «الرَّدِي» الكافر مثَلاً؛ لأن مقتضى كلام المعتزلة - كما تقدم - أنَّ الله شاء من الكافر الإيمان، وشاء الكافر الكفر، فَغَلَبَت مشيئةُ الكافرِ مشيئةَ الله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، بل الله تعالى يضلُّ مَنْ يشاء ويهدي مَنْ يشاء، ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)﴾ [الشمس].
وينبغي أن يُعلَم أنَّ مشيئةَ اللهِ للكفرِ والمعاصي مع بغضه لها وكراهتها راجعٌ إلى حكمته البالغة، وهذا هو الجاري على مذهب أهل السنة، فإنهم يُثبِتُون عموم المشيئة، ويثبتون الأمر والنهي، وأنَّه تعالى إنما يأمر بما يُحِبُّ ويَرضى، وينهى عن كلِّ ما يُسْخِطُه ويُبْغِضُه، وأنَّه سبحانه حكيمٌ في شرعه وقَدَرِه، وبهذا يَخْلُص مذهب أهل السنة عن كلِّ باطلٍ تضمنته مذاهب المخالفين لهم من الجبرية والمعتزلة والأشاعرة.
انتقل الناظم ﵀ في هذا البيت إلى مسألةٍ أخرى من مسائل الاعتقاد وهي مسألة:«الإيمان».
(١) قوله: «عَمَلٌ وَتَصْدِيقٌ» بالرفع، وهو الصحيح، وهو خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ، تقديره: (الإيمانُ عملٌ وتصديقٌ)، وأما ما وقع في بعض النسخ: (عَمَلاً وَتَصْدِيقاً) بالنصب، فلا وجه له كما أفاده الشارح، وقوله: «بِغَيرِ تَبَلُّدِ» وقع في بعض النسخ: (بِغَيرِ تَرَدُّدِ) ومعناهما واحد.