ذكر الناظم ﵀ في هذا البيت بعضاً من المناقب والفضائل التي اشتهر بها معاوية ﵁، فقال:«ذَاكَ» إشارة إلى مَنْ سماه: «ابنَ هِنْدٍ» وهو معاوية بن أبي سفيان ﵁، «الأَمِينُ المُجْتَبَى» وصفه هنا بالأمانة، وحقاً إنَّه لأمينٌ، ودلَّل على ذلك بأنَّ الرَّسولَ ﷺ اجتباه واختاره «لِكِتَابَةِ الوَحْيِ المُنَزَّلِ» وهو القرآن، وهذا أدلُّ دليلٍ على أمانته ﵁، وهذه فضيلةٌ عظيمةٌ لمعاوية ﵁ تدل على عظيم صِلَتِهِ بالنبي ﷺ وعلى منزلتِه عنده، ولهذا اختاره لهذا الشأنِ العظيمِ، ثم صار بعد ذلك بمنزلةٍ عاليةٍ عند أبي بكر وعمر وعثمان ﵃ أجمعين.
وقوله:«ذُو التُّقَى وَالسُّؤدَدِ» هذا تأكيدٌ لما قبله، فهو ﵁ من المؤمنين الصالحين المتقين، وهو - أيضاً - ذو سؤدَدٍ ومكانةٍ عاليةٍ بين قومه وعشيرته، وله من الأخلاقِ الكريمةِ والصفاتِ الحميدةِ ما اشتهر به، من الحِلم وحُسن النَّظَرِ والحنكة والقدرة العظيمة في سياسة الأمة، حتى ذُكِر عنه أنه قال:«لو كان بيني وبين النَّاس شَعْرَةٌ لم تنقطع، إن أرخوها شَدَدْتُها وإن شدُّوها أَرْخَيتُهَا».
وقد أثبت ﵁ بإمرته إدارةً عظيمةً، ومن خير ما حصل في عهده أنَّه جيَّشَ الجيوش وركبوا البحر، ففي عهده وقعت أولى الغزوات البحرية، حيث غزا بلاد الروم مرتين، وهذا مما يُحتسب له ﵁.