فأجاب ﵀ بقوله:«قُلتُ: الأَمَاكِنُ لا تُحِيطُ بِسَيِّدِي»، وهذا الجواب يتضمن نفي الحلول، فالله ﷾ عظيمٌ، أعظمُ من أن يحيط به شيءٌ من مخلوقاته؛ لأنَّ القول بالحلول يتضمن أنَّ المخلوقات تحوي الربَّ ﷾ وأنها محيطةٌ به.
وقوله:«لا تُحِيطُ بِسَيِّدَي» أي: بربي، فهو سبحانه السيِّد ذو الصفات العظيمة، وله العظمة والسيادة المطلقة.
فجواب الناظمِ ﵀ يتضمن نفي الحلول، وأنه تعالى لا تحيط به الأماكن، وذِكْرُ «الأماكن» هنا كنايةٌ عن المخلوقات؛ لأنَّ القائلين بالحلول يقولون: إنَّ الله في كلِّ مكانٍ، يعني: أنَّه في الأرض، وفي السماء، وفي باطن الأرض، تعالى الله عن ذلك وتقدَّسَ.
فإنَّ مطلق هذا القول يقتضي أموراً بشِعَةً قبيحةً، ولهذا رَدَّ عليهم الأئمةُ - كالإمام أحمد (١) - بأنَّ قولهم يتضمن أنَّ الله في البطون، وفي الحُشُوشِ، وفي الأماكن المستَقْذَرة المستَقْبَحَة الرديئة.
وكفى بهذا دليلاً عقلياً على بطلان هذا المذهب الخبيث المنافي للعقل والشرع.
وهنا ينبغي أن يُعلم أن نفي «الحلول» لا يستلزم إثبات «العلو» عند نفاته؛ لأنَّ منهم من يقول: إنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه.
هذا وقد اختلفت النُّسَخ في رواية هذا البيت، فمنها ما تقدم الشرح عليه من قول الناظم:«قُلتُ: الأَمَاكِنُ لا تُحِيطُ بِسَيِّدي»، ووقع في بعض
(١) ينظر: «الرد على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد (ص ٤٠).