للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقوله: «قَالُوا: النُّزُولُ؟» أي: ما تقول في نزولِ الربِّ ﷿؟ هل تُثْبِتُهُ؟ أو تتأوَّله كما يقول المعطلة: تنزل رحمتُه، أو ينزل مَلَكٌ من الملائكة، أو نحو ذلك؟

فأجاب بقوله: «قُلتُ: نَاقِلُهُ لَنَا قَومٌ هُمُ نَقَلُوا شَرِيعَةَ أَحْمَدِ»، ومضمون هذا الجواب أن خبر النزول الإلهي إلى السماء الدنيا نقله لنا الرواة الثقات الذين نقلوا لنا الشريعة، فهم الذين نقلوا لنا الصلاة والزكاة والصيام والحج وأحكامها، فكيف نرد حديثاً ونقبل منهم أحاديث؟ لا شك أن هذا تناقض، فلا بد حينئذ من قَبول ما رَوَوْه من الأخبار في النزول الإلهي (١).

وهذا الجواب أيضاً مضمونه أن النزول الإلهي حقٌّ وصدقٌ؛ لثقة النقلة وكثرتهم، فقد نقل حديث النزول جَمْعٌ من أصحاب الرسول ، فقد ذكر بعض العلماء (٢) أنه نقله ثلاثون من الصحابة الكرام أو أزيد،


(١) ينظر في هذا المعنى: «الشريعة» للآجري (ص ٢٥٤ - ٢٥٥).
(٢) قال ابن القيم كما في «مختصر الصواعق» (٣/ ١١٠٨ ط: أضواء السلف): (نزول الرب إلى سماء الدنيا قد تواترت الأخبار به عن النبي ، رواه عنه نحو ثمانية وعشرين نفساً من الصحابة)، وفي (٣/ ١١٢٥) سرد أسمائهم فزاد عليهم اثنين فبلغ بهم الثلاثين صحابياً، ثم ساق أحاديثهم حديثاً حديثاً.
هذا؛ وقد عُنِيَ بعض أهل العلم بجمع أحاديث النزول، منهم: الدارقطنيُّ في كتابه «النزول»، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه «شرح حديث النزول»، وكذلك الإمام الذهبي له جزءٌ مفردٌ جَمَعَ فيه أحاديث النزول، وساق طرقها وتكلَّم عليها - كما أشار إلى ذلك في كتابه «العلو» (ص ٩١ و ١٠٠).

<<  <   >  >>