دام الأمر كذلك فيجب علينا أن نمسك عن الخوض في الكيفية، فنحن نؤمن بنزوله سبحانه ونثبت له ذلك، ولكننا لا نعلم كيفية نزوله إذ لم ينقل لنا ذلك في خبرٍ من الأخبار عن رسول الله ﷺ.
وقوله:«في مُسْنَدِ» أي: في حديثٍ مُسْنَدٍ عن النبي ﷺ.
و «الحديثُ المسْنَدُ» في اصطلاح أهل الحديث (١) هو: الخبر المنقول بسندٍ متصلٍ إلى النبيِّ ﷺ، فلا بد فيه من اتصال السند، وأن يكون مرفوعاً إلى النبي ﷺ.
وهذان البيتان في إثبات صفة النزول، ونفي التكييف، هما من أوضح ما جاء في هذه القصيدة، ففي البيت الأول أثبتَ ﵀ النزول الإلهي الذي نقلته الثقات، وتواتر ذكره عن الصادق المصدوق ﷺ، وفي البيت الثاني نفى العلم بالكيفية، وهذا هو الواجب في هذه الصفة وفي كل الصفات، الإثبات مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية، وهو المراد بقول أهل السنة:«بلا تكييف».
وفرقٌ بين نفي الكيفية، ونفي العلم بالكيفية.
فلصفات الله كيفيةٌ لا يعلمها غيرُه سبحانه، كما قال الإمامُ مالكٌ وغيرُه:«والكيفُ مجهولٌ»، فلم ينف الكيفية بل نفى العلم بها، فنزول الله ﷿ له كيفية، لكننا لا نعلمها، واستواؤه سبحانه على العرش له كيفية، ولكننا لا نعلمها، ولهذا قال الإمام مالك في جوابِه المُسَدَّد:
(١) ينظر: «مقدمة ابن الصلاح» (ص ٤٢)، و «نزهة النظر» (ص ١٥٤)، و «فتح المغيث» (١/ ١٨١).