وأما من لم يعرف مذهبه على وجه التحديد فيصبح كلامه مجملاً يحتاج إلى بيان، وذلك بالنظر في سائر كلامه، أو بالنظر في مواضع أخرى له يمكن أن يُعرَف من خلالها حقيقةُ مذهبِهِ، ومن أيِّ الطوائِفِ هو في هذه المسألة.
وقوله:«لَا رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ مُوَحِّدِ» أي: إنَّ كلَّ من يؤمن بالله وكتابِه فعنده أنَّ القرآنَ كلامُ الله لا شك في ذلك ولا ريب فيه.
وهذا الكلام فيه من الإجمال ما فيه، وغايته أنَّ كلَّ واحدٍ يقول:(القرآنُ كلامُ الله) لكن على أيِّ وجهٍ؟
ووقع عند ابن الجوزي في «المنتَظَم» مكان الشطر الثاني: «مِنْ غَيرِ مَا حَدَثٍ وَغَيرِ تَجَدُّدِ»، وهذا التعبير أوضح وأصرح، ففيه أنَّ الناظم يقول: إنَّ القرآنَ كلامُ الله، وإنَّه قديمٌ، فالشطر الثاني فيه تتمَّةٌ للجواب، فكلام الله قديمٌ عنده، فالقرآن بهذا قديمٌ.
وهذا يتفق مع ما أطلقه فيما مضى من أنَّ صفاتَ الله كذاتِه قديمةٌ لم تَتَجَدَّد، وقد سبق بيان ذلك، وتقدم أيضاً مناقشةُ الناظم في حكمه على جميع الصفات بالقِدَم، وهذا الإطلاق يقتضي أنَّ الناظم يقولُ بقِدَمِ كلامِ الله؛ يعني: أنَّ كلامَ الله قديمٌ، فالقرآن أيضاً قديمٌ.
فاللفظ الذي ورد عند ابن الجوزي يتفق مع ما ذكره الناظم في سائر الصفات من أنها قديمة غير متجدِّدَة، وهذا هو مذهب الأشاعرة من أن كلام الله معنى نفسي واحدٌ قديمٌ.