شاملةٌ لكلِّ ما في الوجود، فكلُّ ما في الوجود فهو بمشيئتِه سبحانه، فلا يكون إلا ما يريد، ولا يكون في السماوات والأرض من حركةٍ ولا سكونٍ إلا بمشيئتِه سبحانه وإرادتِه، فالإرادةُ كلُّها للسيِّدِ.
فقوله:«لَو لم يُرِدْهُ وَكَانَ كَانَ نَقِيصَةً» أي: إنَّ الله ﷿ لو لم يُرِد ما يَقَعُ في الوجود من القبائح من كفرٍ ومعاصٍ ونحوِ ذلك، ثم كانت ووُجِدَتْ لكان ذلك نقصاً في قدرته سبحانه، إذ كيف يقع في ملكه شيئاً لم يُرِدْه؟ وكيف يقع شيءٌ بخلاف مرادِهِ سبحانَه؟
فالقول بهذا يلزم منه تَنَقُّصُ الرَّبِّ وتَعْجِيزُه، فمضمون قولِ القَدَرِيَّة أنَّ الكافرَ شاءَ الكفرَ وأنَّ العاصي شاء المعصية، والله تعالى شاء منهما الإيمان والطاعة، فوقع مرادُهما دون مرادِ الله ﷿، وهذا مذهبٌ باطلٌ شرعاً وعقلاً؛ لأنَّه يتضمن تعجيز الرَّبِّ، وأنَّه يكونُ في ملكِه ما لا يريد، والله ﷿ قد أكذبهم في غير ما آيةٍ من كتابِه الكريم، من ذلك قوله تعالى: ﴿ … وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِم مِنْ بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد (٢٥٣)﴾ [البقرة]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون (١١٢)﴾ [الأنعام]، وقال ﷿: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾ [يونس: ٩٩]، وقال سبحانه: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ [السجدة: ١٣].
وقد وَرَدَ أنَّ القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي دخل على أبي إسحاق الإسفرائيني، فقال عبد الجبار:(سبحان من تَنَزَّه عن الفحشاء)،