كل ذلك لا يخرجه عن كونه كلام الله، فهو كلام الله كيفما تصرَّفَ، وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة.
ولكن إذا نظرنا إلى قول الناظم ﵀ في البيت السابق:«منْ غَيرِ مَا حَدَثٍ وَغَيرِ تَجَدُّدِ»، فإن كلامه هذا يقتضي أنه يذهب مذهب مَنْ يقول بقِدَم كلام الله، وعلى هذا فقوله هنا في الذي نتلوه إنه كلام الله هو على سبيل المجاز؛ لأنَّ هذا الذي نتلوه هو عبارةٌ عن المعنى النفسي القائم بالرَّب ﷾.
وعلى هذا فالألفاظُ التي نتلوها مخلوقةٌ عُبِّر بها عن المعنى القائم بالرَّب ﷾.
فظهر من هذا أن مذهب الأشاعرة في هذا القرآن الذي نتلوه لا يختلف عن مذهب الجهمية والمعتزلة وقولِهم: إنه مخلوقٌ.
فعند الأشاعرة أنَّ كلامَ الله يُطلق حقيقةً على ذلك المعنى النفسي القائم بالرب تعالى، ويُطلق مجازاً على هذا الكلام الذي نتلوه ونسمعه ونكتبه.
وأما الجهمية والمعتزلة فعندهم أن هذا الكلام الذي هو القرآن المكتوبُ في المصاحفِ والمتلُوُّ بالألسُنِ مخلوقٌ، ولم يَقُمْ بذاتِ الرَّبِّ شيءٌ منه لا معنى ولا لفظ.
وقول الناظم ﵀:«قُلتُ: كَلَامُهُ، لا رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ مُوَحِّدِ»، يؤكد أن القول بأن ما نتلوه هو كلامُ الله مما هو متَّفَقٌ عليه بين كلِّ الموحِّدين؛ أي: كلِّ المسلمين، فليس عندهم شكٌّ في ذلك ولا ريب.