قوله ﵀:«قَالُوا: فَأَفْعَالُ العِبَادِ؟» يعني: ما تقول في أفعال العباد؟
ومسألة «أفعال العباد» من المسائل التي وقع فيها اختلاف بين الناس.
فالجبرية يقولون: إنَّ العبدَ لا فِعْلَ له أصلاً، فأفعاله - عندهم - كصفاتِه، كطوله ولونه وشكله، فهي أفعالٌ مخلوقةٌ لله، وليس للعبد فيها مشيئةٌ ولا اختيارٌ ولا قدرةٌ، بل هو مضطرٌ إليها، كحركة المرْتَعِش والنَّائِم، وحركة الرِّيشَة في مهبِّ الرِّيح.
فهذه طريقةُ الجَبْرِيَّة الَّذِين يقولون: إنَّ العبدَ مجبورٌ على أفعاله، ليس له فيها مشيئةٌ ولا اختيارٌ بل ولا قدرة، فأفعاله إنما هي حركاتٌ آليَّةٌ، مثل حركة الآلة التي هي جمادٌ ليس لها إرادةٌ ولا مشيئةٌ، وإنما تتحرك بحسب ترتيب من صَنَعَها.
فهؤلاء يقولون: إنَّ أفعال العباد مخلوقةٌ لله، وهذا حقٌّ، أما قولهم: إنها ليست أفعالاً للعبد حقيقة، وأنَّ إضافتَها ونسبتَها إليه نسبةٌ مجازيَّةٌ، وأنَّ العبدَ لا مشيئةَ له ولا اختيار، فهذا باطلٌ.
ويقابل الجبريةَ المعتزلةُ، فإنَّ المعتزلةَ ينفون القَدَرَ، فيُخْرِجُون أفعال العباد عن أن تكون بمشيئة الله وقدرتِه وخلْقِهِ، فأفعالُ العِبَادِ عندهم ليست واقعةً بمشيئةِ الله ولا بقدرتِه، ولا هي خَلْقٌ من مخلوقات الله، فيُخْرِجُون أفعال العباد عن مُلْكِ الله وعن خلقه.