أما أهلُ السنَّة والجماعة فيقولون: إن أفعال العباد هي أفعالٌ لهم حقيقة، وهي واقعةٌ منهم بقدرتِهم ومشيئتِهم، وأنَّ مشيئة العباد تابعةٌ لمشيئةِ الله ﷿ على حَدِّ قوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين (٢٩)﴾ [التكوير].
فالله تعالى خالقُ العباد وخالقُ قدرتِهم وخالقُ أفعالهم، فأفعال العباد هي أفعالهم حقيقة، ولكنَّها في الوقت نفسه هي مفعولةٌ، وفرقٌ بين الفعلِ والمفعولِ، فأفعالُ العبادِ هي مفعولةٌ لله؛ أي: مخلوقةٌ لله، لكنَّها ليست أفعالاً لله، فإنَّ الفعلَ بالمعنى المَصْدَرِي إنما يقوم بالفاعل، فالكلام - بالمعنى المَصْدَرِي - يقوم بالمتكَلِّم، والخَلْقُ يقوم بالخالِق، والضرب يقوم بالضارب، وهكذا.
والأصل في هذا أنَّ المصدر في اللغةِ العربيَّة كثيراً ما يطلق ويراد به اسم المفعول، مثل: الفعل والخلق والردّ، فهذه مصادر تطلق ويراد بها المفعول والمخلوق والمردود، فأنت تقول مثلاً:(هذا خَلْقُ الله) تشير بذلك إلى بعض المخلوقات كالسماوات والأرض وغيرهما، فقولك:(هذا خَلْقُ الله) يعني: مخلوقٌ لله، وتقول: الخلق من صفات الله، وهذا حقٌّ، فإن الخلق صفةٌ من صفات الله ﷿ وفعلٌ من أفعاله القائمة به سبحانه.
فأفعالُ العبادِ هي أفعالٌ لهم قائمةٌ بهم، لكنَّها في نفسِ الوقتِ هي مفعولةٌ ومخلوقةٌ لله ﷿.