للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقوله : «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر وكما ترون الشمس صحواً ليس دونهما سحاب» في هذا تشبيهٌ للرؤية بالرؤية، لا تشبيهُ المرئي بالمرئي.

فالمُشَبَّه: هو رؤية المؤمنين لربهم، والمُشَبَّه به: هو رؤيتهم للشمس والقمر، وذلك أنهم يرونه بأبصارهم من غير إحاطة، ويرونه رؤيةً جَلِيَّةً لا خَفاءَ فيها، ويرونه أيضاً في جهة العلو.

فهذا هو وجه الشبه بين المُشبَّه والمُشَبَّه به، فوجه الشبه بين رؤية المؤمنين لربهم وبين رؤيتهم للشمس والقمر إنما هو من هذه الوجوه، من كونها رؤيةً بصريَّةً واضحةً، ومن غير إحاطةٍ، وفي جهة العلو.

فأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله يُرى بالأبصار حقيقةً، وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة عَيَاناً بأبصارهم.

وخالف في ذلك الجهمية والمعتزلة، فقالوا: إنَّه تعالى لا يُرى بالأبصار، وحرّفوا كلام الله ﷿ وكلام رسوله ، وفسّروا الآيات والأحاديث بخلاف ما تدل عليه، واستدلوا على مذهبهم الباطل بقوله تعالى: ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ [الأنعام: ١٠٣]، وقولِه لموسى لما قال له: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي﴾ [الأعراف: ١٤٣]، وقد بيَّن أهل العلم بطلان هذا الاستدلال، وبيَّنُوا أنَّ هاتين الآيتين حجَّة عليهم لا لهم؛ لأنَّ قوله تعالى: ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ هو نفيٌ للإدراك الذي هو الإحاطة، فهو سبحانه لا تحيط به الأبصار، فليس في هذا نفيٌ للرؤية مطلقاً، بل هو نفيٌ للرؤية التي تكون

<<  <   >  >>