للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقولهم: «قديْمٌ»: يعني ليس بمشيئته ، بل هو لازمٌ لذاته كحياته.

وفي المسألة مذاهب أخرى، وكل هذه المذاهب الكلامية فيها حقٌّ وباطلٌ، والمذهبُ الحقُّ الخالصُ من الباطلِ هو مذهب أهل السنة والجماعة، فحقيقة مذهبهم أنَّ الله تعالى لم يزل يتكلَّم إذا شاء بما شاء كيف شاء، فكلامه ﷿ قديمُ النَّوع حادِثُ الآحاد، فالله سبحانه نادى الأبوين آدم وحواء (١)، ونادى كليمه موسى (٢)، ونادى خاتم رسله وخيرة خلقه نبينا محمد (٣)، وهو سبحانه ينادي ملائكته أو من شاء من ملائكته (٤)، وأخبر سبحانه أنه ينادي المشركين مُوبِّخاً لهم يوم القيامة، فقال


(١) كما في قوله تعالى: ﴿ … فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِين (٢٢)﴾ [الأعراف].
(٢) كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِين (١٠)﴾ [الشعراء]، وقوله تعالى: ﴿يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيم (٩)﴾ [النمل]، وغيرهما.
(٣) كما في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ [في مواضع، ومنها: التحريم: ١ و ٩]، و ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ [المائدة: ٤١ و ٦٧].
(٤) كما أخرج مسلمٌ في «صحيحه» (٢٠٢) من حديث عبدِ الله بنِ عَمْرِو بنِ الْعَاصِ أَنَّ النبيَّ تَلَا قَوْلَ اللهِ ﷿ في إِبرَاهِيمَ: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيم (٣٦)﴾ [إبراهيم]، وقال عِيسَى : ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم (١١٨)﴾ [المائدة]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وقال: «اللّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي» وَبَكَى، فقالَ الله ﷿: يا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ - وَرَبُّكَ أَعْلَمُ - فَسَلْهُ ما يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ ، فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ رسولُ الله بِمَا قال - وهو أَعْلَمُ، فقالَ الله: يا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ ولا نَسُوءُكَ.

<<  <   >  >>