للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: "قال - صلى الله عليه وسلم -: يؤمكم أقرؤكم، فإن لم يكن فأعلمكم بالسنة، فإن لم يكن، فأقدمكم سنَّاً" (١) هذا حديث رواه أبو مسعود عقبة (٢) بن عمرو البدري الأنصاري أخرجه مسلم في "صحيحه" (٣) ولفظه (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنَّة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنَّاً) وهذا بظاهره يحتج به لأبي حنيفة وأحمد في تقديمهما الأقرأ على الأفقه (٤)، وجوابه ما ذكره في (٥) الكتاب من أن أقرأهم في ذلك العصر كان أفقههم (٦). ولو قال: كان أقرؤهم فقيهاً لكان أسلم (٧). وقد قال الشافعي - رضي الله عنه -: (كانوا يسلمون كباراً فيتفقهون (٨) قبل أن يقرأوا) (٩). قلت: فإذاً في قوله (يؤم القوم أقرؤهم) تقديم الأقرأ الأفقه،


(١) الوسيط ٢/ ٧٠٣. وقبله: الفصل الثاني: فيمن هو أولى بالإمامة: - ثم ذكر الحديث -.
(٢) في (أ): أبو مسعود بن عقبة، و (ابن) هنا مقحمة.
(٣) انظره - مع النووي - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة ٥/ ١٧٢ - ١٧٣.
(٤) الموجود في كتب الحنفية تقديم الأفقه على الأقرأ، وهكذا نقله عنهم النووي في المجموع ٤/ ٢٨٢، وانظر: شرح فتح القدير لابن الهمام ١/ ٣٤٧ - ٣٤٨، بدائع الصنائع ١/ ١٥٧ - ١٥٨، الدر المختار مع حاشية ابن عابدين عليه ٢/ ٢٩٤. أما مذهب أحمد فهو كما قال ابن الصلاح تقديم الأقرأ على الأفقه انظر: المغني ٣/ ١١ وقد نسبه إلى أصحاب الرأي، الفروع لابن مفلح ٢/ ٤، شرح الزركشي على مختصر الخرقي ٢/ ٨٠.
(٥) في (ب): ما ذكر إلى.
(٦) انظر: الوسيط ٢/ ٧٠٣.
(٧) من حيث إنه قد يكون أكثرهم قراءة، ولكن ليس أكثرهم فقهاً رغم أنه فقيه، والله أعلم.
(٨) في (ب): فيفقهون.
(٩) الأم ١/ ٢٨٣.