للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ٢٣٨ -

فترى المملكة العادلة تبيح حرية المطبوعات لتطلق عنان الافكار ومن خرج عن حده او رمى الحكومة بما ليس فيها حاكمته وعاقبته.

والحكومة المستبدة تحجر على الجرائد حجر المتقدمين على الخطباء فلا ينشر فيها الا ماترضاه من المدائح وتحسين اعمالها من غير نظر لمصلحة الامة ولا للمنفعة العامة لتكون امتها تائهة في ظلمات الجهالة لا تهتدي لصالحها ولا تعلم من امرها الا ما يضر بها

وكان الخطباء في صدر الاسلام يخطبون ارتجالاً لتمكنهم من اللغة وعدم فساد ملكتهم العربية بدخيل اجنبي فيها اذ كانت اللغة محفوظة لا يحتاج الطفل الى تمرينه عليها الا لبعض المحفوظ من كلام العرب يقيم به لسانه فلما كثر الاختلاط وامتزجت ملكة القوم بكثير من اللغات وبعض المصطلحات عز على الناس ان ياتوا بالخطابة ارتجالاً واحتاجوا لاعداد بعض الخطيب ليكون الخطيب مقيداً يلقيها على القوم كما يلقى الطفل درسه على معلمه بحيث لو وقف في كلمة ضاع منه ما بعدها لكونها ليست من ملكته ولا انشائه ثم زاد الامر بتولي بعض القراء امر الخطابة فتراه يصحح الخطبة على نحوي ليتلوها معربة على الناس من باب حكاية الاصوات. وبعض خطباء الارياف يحفظ الخطبة في الديوان

بحسب ما يتصور فلا تفقه لخطبته معنى لما تراه من خطة في الالفاظ وهذره من هذا القبيل وعجبت من الجهالة العمياء ومن نظر الموضوع الجليل بعين الاعتبار علم ان هيتنا الحديثة وسير مليكنا التقى القائم بامر الدين المحافظ على راحة الامة العامة في الامة ومن اهمها الان الخطابة فان الامية كثيرة في بلادنا متغلبة على السواد الاعظم منا ولو كانت الامة قارئة كلها لاستغنت عن تغيير هيئة الخطابة بالجرائد ولكن مطالعوا الجرائد عدد قليل محصور في دفاتر المحررين

والاميون في ظلمات الجهالة قد ضرب بينهم وبين ما يقدمهم بسور لا باب له فترى الرجل يجهل حالة المديرية المجاورة لبلاده ولا يعرف بعض بلاد قطره الا سماعاً من الناس. وهذا لا يناسب اخلاق امة انتشرت فيها العلوم وتعددت فيها المدارس فان فساد اخلاق الاباء يضر بالابناء وربما غلبت اخلاق ابوية على معارفه وادابه فلو كان الولد في المدرسة وابوه متنوراً بالخطابة سارت الامة الى التقدم على جناح السرعة وتأيدت سطوة الحاكم تأييداً عظيما. على اننا نرى الكثير من الناس ترك الصلاة او تكاسل عنها. فاذا علم ان الخطابة مشتملة على كثير من الحوادث والاخبار قاده حب تطلع الاخبار للزوم الجماعة وحب المساجد والطاعة وامتلأت المساجد بالمصلين

واود وجود نفر من اعيان بلادنا يتبرعون بمبلغ يقوم بنشر خطب ادبية سياسية وانا اقوم بانشاء خطبة في كل اسبوع تناسب احوال الزمان ثم تطبع هذه الخطبة وتنشر في سائر