حيث انك ترى عند التاجر عدة مقاييس مختلفة المقادير فهو يغبن من يشاء ويقيس بما يشاء وفي هذا من ضياع حق الامة ما لا يخفى على احد فمثل صاحب هذه الافكار والاعمال حقيق بان تنشر فضائله واعماله ارغاماً لمن يرمينا بجهل امرائنا ليغر بمفترياته الامة وهو في سيره من المحتالين
(الثالثة)
دعيت لمنزل الهمام صاحب العزة والسعادة عبد اللطيف باشا وافتتحنا الحديث بالعهد القديم فسمعت منه ما لا نرى له اثرا الان في بلادنا كقوله ان المرحوم محمد علي باشا صنع ورشة البصمة في شبرا والجوخ والبفته في بولاق وغيرها حتى انه فرش سريانه من مشغولات البلاد وكان كلما جلس عليها قلبها بيده وفرح وحمد الله على نجاح اهل البلاد في الصناعة وكان لا يرضى بزخرف الافرنج ويقول صنعة بلادي وان كانت غير مزخرفة
خير لي من ان اجلب مصنوعات اوروبا فتقلدني الامة وتموت صناعة البلاد وصناعها ثم جرى حديث دار السفن (الترسخانة) فقال لما حضر احد كبار المهندسين من بلاد الانكليز ورأى حسن الاساطيل المصرية (الازماده) قال من ناظر الترسخانة هل هو اوروباوي فقال له المرحوم هو من ابناء البلاد واسمه عبد اللطيف وهو في الثامنة والعشرين من عمره فطلب منه ان يزوره في تحصين السواحل البحرية وتقوية القوة المجردة ثم قال للمرحوم لو ذهب الى اوربا لازدادت معرفته وخبرته بفن البحر فلما امره المرحوم بالتوجه توقف وقال ان ذهبت الى اوروبا كان كل عمل بعد ذلك منسوبا اليهم فصرف النظر عن سفره ثم قال لما صنعت الدولة العلية مراكبها الكبار وكانت تأخذ في المياه ٢٤ قدماً تداخلت الانكليز في قطع بوغاز اسكندرية بحيلة اننا مضطرون لعمل مراكب تضارع مراكب الدولة وعمق البوغاز لا يزيد عن اثنين وعشرين قدماً فتوقفت معه وقلت له نصنع سفناً تأخذ ٣٠ قدماً لا ٢٤ ثم نخرجها من البوغاز غير حاملة للمدافع والكلل وبعد خروجها تنزل فيها المدافع وادواتها ولا نقطع البوغاز ابداًفقال احد الافرنج اذا كان عند اوربا مدافع تصل كتها اسكندرية وهي خارجة البوغاز فما ثمرة البوغاز اذا ً فقلت له لا يمكن اي دولة من ضرب اسكندرية مع وجود البوغاز فان المراكب في حالة النو لا يمكنها الوقوف الا على بعد عشرين ميلاً في الاقل من البوغاز وفي حالة الصحو على بعد خمسة اميال او اكثر وهي في الحالتين تكون بين مدافع طابية العجمي ومدافع طابية البرج وراس التين فعوضا عن قطع البوغاز الطبيعي نزيد في قوة الطوابي واحكام بنيانها وزيادة مدافعها فاستحسن المرحوم هذا الكلام وعمل به. ثم قال وعندما توليت امر الترسخانة وجدت الكثير من الاوروباويين فاخذت امتحن اولاد العرب في الحدادة والبرادة والخراطة والمسابك والنجارة