تربت معنا في حجور الامهات والاكاذيب التي دارت بيننا كؤساً والاراجيف التي صحبتنا في مهد الرضاع طمعاً في كسر اعلام الخشونة وظفر جنود التقيظ باكتساب تهذيب الاخلاق وتوطيد طرق التنوير بالمعارف ومع كل ذلك فاننا لا نرى الا تنافر القلوب وتباين الافكار وتحاسد الاعداء فاجهاد
نفسه فيما يخطب بصدده من الحث على التنوير وتأسيس جمعيات الخير يؤثر في قلوبهم فيحملهم على بغضه وابطال ما يشيد دعائمه ويرفع بنيانه مكافأة له على ما اولاه من تحريض العالم على اعمال الخير وبث النصائح الحكمية والتأديبات التهذيبية ناصباً نفسه في باب الهداية والارشاد للمعارف غرضاً تفوق اليه سهام الاوغاد المجردين عن العقول السالكين مسالك النقائض المغمورين في لحج التخريفات المتهافتين على نار المفتريات العاثرين في ذيول ملابس الفظاظة افهل يحسن بمن يتغاضى عن عيوب وطنه ويتعامى عن اسباب تأخيره ان ينظر ابناء جنسه خولاً للاجانب ونساء بلاده مرضعات لاولادهم مستعبدات تحت ارجلهم ولا اقول مفترشات لهم ولكن لا يلمن على هذه الصفات بل يلتمس لهن عذر في ذلك فان الضرورة التي اضطرتهن لامتهانهن واركبتهن هذا المركب الخشن هي ضياع اهاليهن في تيه الهجية لا يحترفون بحرفة يتمولون منها ولا يعرفون بضاعة تنظمهم في سلك الآدميين ولا يوصفون بمعرفة فن من فنون الاداب يمتازون به عن باقي الحيوانات ولا ترشدهم عقولهم الكاسدة الى ما يسهل امر معاشهم ينقذهم من ربقة المجاعة الا بذل ماء وجوههم في مذلة السوأل فلو كانت القلوب متفقة والكلمة متحدة والافكار متجهة ازاء حب المعارف وتأسيس مباني الخير وترك التحاسد والتباغض لاثرت في قلوبنا المواعظ الحكمية وتنورنا بمصابيح الهداية وتهذبت نفوسنا برياضة الآداب والمعارف ورفلنا في حلل التقدم بالعلوم فلا نخجل من انفسنا اذا افتخرت دولة بمعارفها ولا تؤلمنا جرائد الاخبار اذا عزت لكل جهة ما لها من حسن الاختراعات في الصنائع وغرائب الاكتشافات في العلوم الصناعية وتقدم اهاليها في العلوم الرياضية والطبيعية ولا نتاخر اذا اسند الى واحد من امر ادارة اي مامورية ولا نرجع القهقرى ان دعينا الى سماع دعوة بضبطية بل ندخل ضمن نظام الهيئة الاجتماعية وننتظم في سلك عقود الانسانية فوالله لو تحقق اي وطني منا درجته مع احد الاجانب لتمنى الموت حالاً فيا عجباً لنا كيف كانت طباعنا من قبل الاختلاط بالعالم الانساني اكنا في حيزالعدم المحض ام كنا في شهود الوجود على غير سطح هذه الكرة تالله ما هذا الوجود المراد فان الحكمة في وجودنا الحكيم الموجد لنا فاذا دامت عقولنا محجوبة عن ادرك طبائعها الجسمانية ومعرفة مشخصاتها العيانية وسياسة انفسها وتدبير مصالح منازلها فمني تصل الى معرفة معبود حق مغيب عن