هذه نصيحتي اقدمها اليكم واعدكم باني لا اغفل عن هذا السعي ولا ابخل على اخواني بكلمات اسطرها وخطابات اسيرها في البلاد حتى تبعث في الالوف منا روح الادراك السياسي. ولا اعدم من اخواني المحررين فصولاً في النصيحة الوطنية فقد كفانا ذكرما للدول من القوة وما فيها من المحاسن وما لها من الاستعداد فان هذا كله مع عدم تشفيعه بما يحث الامة عليه اخمد همم البعض وحسن بعض الدول الاجنبية عند اخرين وعار علينا ان نغر امة نشأنا فيها وطعمنا من ارضها وعرفنا بتبعتها وحسبنا ما نراه في الجرائد الافرنجية
من ذمنا ومدح رجالها وتغريرنا بالتمويهات الباطلة فاننا راضون ببلادنا وحكامنا ولا نخلع طوق البيعة الشرعية وتتقلد غيره ولو ادت الحماية الى اراقة الدماء فقد تمسكنا بحبل اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم وعقلنا نهي لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء
وردت لنا هذه الرسالة من حضرة السيد عبد الله هلال بكوم النور فادرجناها قياماً بحق الادب واهله.
ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ورقم كل متنفس على صفحات اوراق الاشجار كل موعظة حكمية ما اثرت في قلوب الحائدين من اهل الوطن عن سبل الارشاد الجاهلين بنتائج المعرفة والاداب فان المعارف اموار منبئة تستفيد منها الافكار المهيأة للتنور وحيث كانت العقول منغمسة في ظلمات الجهالة لا تدري حقيقة وجدانها ولا تعرف كنه ما تدركه بحسن عيانها ولا تفرق بين هبولى صورها وعناصرها بل ولا تعرف ما يميزها عن الحيوانات المباينة لها في ماهية الموجودات اذ جلبت على تصور المعدوم وفطرت على تحقيق الموهوم وانطبعت في حسها المشترك صورة الجهالة وتمثلت في مدركات خيالها احوال الملاذ الملائمة لطبائع فطرتها الابتدائية واقشعرت من سماع معاناة الفكرة ومتعبات تعقل التصورات الاولية فضلاً عن ادراك التصديقات النسبية بضد ما تعودته من راحة البطالة والكسل فلا تعذر حينئذ في عدم استماع المواعظ ولا تلام على عدم قبولها من الواعظ ولو كان مع نديم الاداب الذي اجهد نفسه واعمل غاية فكره في هدايتنا الى سبيل تهذيب الاخلاق فلو وجد فرد من آحاد الامة الوطنية بعضده او رده يصدقه لا يقنا بتأثير المواعظ الحكمية في قلوب اهل الغيرة والحمية الوطنية حتى يميطوا عن انفسهم ثياب الجهل الخلقة ويتجملوا بحلل العلم الجميلة ويتقلدوا بدرر عقود المعارف ولكن لا نرى غير لسان واحد يدعو عدة الاف من النفوس للهجوم بجيوش المعارف على طليعة الجهل التي هي العادات الذميمة والتخريفات القبيحة التي