للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقتلوا قالوا: لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا، فالضرب والقول كلاهما في معنى الاستقبال، وتقييد القول بالضرب إنما هو باعتبار الجزاء الأخير وهو الموت والقتل، فإنه وإن لم يذكر لفظاً لدلالة قوله (مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا) عليه فهو مراد معنى، والمعتبر المقارنة عرفاً كما في قوله (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ) وقوله: إذا طلع هلال المحرم آتيك في منتصفه.

وقال الزجاج: (إذا) هنا تنوب عما مضى من الزمان وما يستقبل، يعني أنه لمجرد الوقت أو لقصد الاستمرار، والذي يقتضيه النظر الصائب أن لا يجعل (إِذَا ضَرَبوا) ظرف (وَقَالُوا) بل ظرف ما يحصل للإخوان حتى يقال لأجلهم في حقهم ذلك القول، كأنه قيل: قالوا لأجل الأحوال العارضة للإخوان إذا ضربوا بمعنى حين كانوا يضربون. انتهى كلام الشيخ سعد الدين.

وقال أبو حيان: يمكن إقرار (إذا) على الاستقبال بأن يقدر العامل فيها مضاف مستقبل على أنَّ ضمير (لو كَانُوا) عائد على (إخوانهم) لفظاً لا معنى على حد: عندي درهم ونصفه، والتقدير: وقالوا مخافة هلاك إخوانهم إذا ضربوا أو كانوا غزاً لو كان إخواننا الآخرون الذين تقدم موتهم وقتلهم عندنا ما ماتوا وما قتلوا، فتكون هذه المقالة تثبيطاً لإخوانهم الباقين عن الضرب والغزو لئلا يصيبهم ما أصاب الأولين. اهـ

قال الطَّيبي: تلخيص الوجوه الثلاثة هو أنَّ التعليل في الوجه الأول داخل في حيز الصلة ومن جملة المشبه به، والمعنى: لا تكونوا مثلهم في القول الباطل والمعتقد الفاسد المؤديين إلى الحسرة والندامة والدمار في العاقبة، وفي الثاني: العلة خارجة عن جملة المشبه به لكن القول والمعتقد داخلان فيه، أي: لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول واعتقاده ليجعل انتفاء كونكم معهم في ذلك القول والاعتقاد حسرة في قلوبهم خاصة، وفي الثالث: الكل خارج من ذلك، والمعنى: لا تكونوا مثلهم ليجعل انتفاء كونكم مثلهم حسرة في قلوبهم، فعلى هذا قوله تعالى (وَقَالُوا) ابتداء كلام عطف على مقدرات شيء كما يقتضيه أقوال المنافقين وأحوالهم وأفعالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>