للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، فتصرف إلى الكل، وهو معنى الاستغراق، وكما أن في جانب القلة تنتهي البعضية في المفرد إلى الواحد، ففي الجمع إلى القلة كذلك في جانب الكثرة يرتقي إلى أن يخرج منه فرد في المفرد، وفي الجمع إلى ألا يخرج منه جمع، لأن معناه ما فيه الجنسية من المجموع، وذلك لا يوجد في الواحد والاثنين وهذا معنى ما قيل: إن استغراق المفرد أشمل وإن الكتاب أكثر من الكتب، وما ذكر في قوله: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} أن الملك أعم من الملائكة يعني أن قولك: ما من ملك إلا وهو شاهد أعم من قولك: ما من ملائكة. وهذا في النكرة المنفية مسلم للقطع بأن لا رجل نفى لكل فرد، بخلاف لارجال وكذا كل رجل، وكل رجال. وأما في العرف فلا، للقطع واتفاق أئمة التفسير والأصول والنحو على أن الحكم في مثل الرجال فعلوا كذا على كل فرد، لا على كل جماعة، فليتدبر. انتهى. وكذا قال أبو حيان معترضا به على الكشاف: دلالة الجمع إذا أضيف، أو دخلته أل دلالة العام على كل فرد فرد.

وقال الطيبي: مراد الزمخشري إنما تناول الواحد حين يراد به الجنس أكثر من تناول الجمع إذا أريد به الجنس، لأن كتابه يدل على ما نقله كل أحد إنه كتبه على سبيل الجمعية ومسمى به، ويمكن أن يخرج منه كتاب أو كتابان وهذا هو المراد من قول صاحب المفتاح: استغراق المفرد أشمل من استغراق الجمع.

فإن قيل: لا يتبادر من قوله: وملائكته وكتبه ورسله سوى الاستغراق والشمول قلنا: قد بينا أن الاستغراق الداخل على الجمع أفراده الجموع حقيقة وإرادة الأفراد مجاز، يؤيده قول إمام الحرمين: التمر أحرى بالاستغراق للجنس من التمور، فإن التمر يسترسل على الجنس لا بصيغة لفظه، والتمور يرده إلى تخيل الوحدان، ثم الاستغراق بعده بصيغة الجمع، وفي صيغة الجمع مضطرب.

قوله: (أي يقولون لا نفرق) قال أبو حيان: كذا قدروه، ويجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>