للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى كل تقدير لا نقول إن الاختلاف مأمور به. وهل نقول الاختلاف مأمور به؟ هذا يلتفت على أن المصيب واحد أو لا؟ فإن قلنا المصيب واحد، وهو الصحيح فالحق في نفس الأمر واحد والناس كلهم مأمورون بطلبه واتفاقهم عليه مطلوب والاختلاف حينئذ منهي عنه وإن عذر المخطئ وكذلك إذا قلنا بالأشبه كما هو قول بعض الأصوليين. وإما إذا قلنا كل مجتهد مصيب فكل أحد مأمور بالاجتهاد وباتباع ما غلب على ظنه فلا يلزم أن يكونوا كلهم مأمورين بالاتفاق ولا أن يكون اختلاف منهي عنه، وإطلاق الرحمة على هذا التقدير في الاختلاف أقوى من إطلاقها على قولنا المصيب واحد. هذا كله إذا جعلنا الاختلاف المراد به الاختلاف في الفروع. وأما إذا قلنا المراد الاختلاف في الصنائع والحرف فلا شك أن ذلك من نعم الله تعالى، وقد عدها الحليمي في شعب من النعم التي يطلب من العبد شكرها لكن كان المناسب على هذا أن يقال اختلاف الناس رحمة إذ لا خصوصية للأمة بذلك فإن كل الأمم مختلفون في الحرف والصنائع. وأما اختلاف الأمة فلابد من خصوصية الأمة به وما قاله إمام الحرمين قد يظهر فيه خصوصية، لأن المراتب والمناصب التي أعطيتها أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لم تعطها أمة غيرهم فهي من رحمة الله تعالى لهم وفضله عليهم لكنه لا يسبق الذهن من لفظة الاختلاف إليها ولا إلى الصنائع والحرف، انتهى كلام السبكي.

قوله: ولقوله: " من اجتهد فأصاب فله أجران ومن أخطا فله أجر واحد " أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، من حديث عمرو بن العاصي بلفظ: " إذا حكم الحاكم فاجتهد وأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ".

قوله: " وأهل الكتاب كفروا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد إيمانهم به قبل مبعثه "

<<  <  ج: ص:  >  >>