قوله:(فيكون تنبيهاً على أن ادعاءهم الإِخلاص مع قولهم. (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) لم يكن بعد عن تحقيق واستحكام معرفة).
قال الحلبي: هذا القول خارق للإجماع، وقال ابن عطية: لا خلاف أحفظه أنهم كانوا مؤمنين، وأجيب عن الآية بأجوبة منها: أنَّ معناها هل يفعل ربك، وهل يقع منه إجابة لذلك؟ ومنه ما قيل لعبد الله بن زيد: هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ أي هل تحب ذلك؟. اهـ
وقال ابن المنير: هو من التعبير عن المسبب بالسبب لأنَّ الاستطاعة من أسباب الإيجاد أي: هل يفعل، تقول للقادر هل تستطيع كذا مبالغة في التقاضي فيكون إيمانهم سالماً. اهـ
قال الواحدي: لا يدل قولهم على الشك كما تقول لصاحبك هل تستطيع أن تقوم. اهـ
قال الزجاج: يحتمل أنَّهم أرادوا أن يزدادوا تبياناً وتثبيتاً كقول إبراهيم صلى الله عليه وسلم (أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى).
وقال البغوي: لم يقولوا شاكين في قدرة الله تعالى ولكن معناه: هل يُنزل أم لا؟. اهـ
قال الطَّيبي: ويقوي ذلك قولهم (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا) وقوله تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ)، ولأنَّ وصفهم بالحواريين ينافي أن يكونوا على الباطل، فإن الله سبحانه أمر المؤمنين بالتشبه بهم والاقتداء بسنتهم في قوله تعالى (كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ ... ) الآية، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مدح الزبير بقوله: إنَّ لكل نبيٍّ حواريًّا وإن حواري الزبير. اهـ