قال الطَّيبي: نقل عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه سئل عن آية من كتاب الله تدل على أن الإجماع حجة فقرأ القرآن ثلاثمائة (١) مرة حتى وجد هذه الآية. اهـ
قلت: قال الحاكم في مناقب الشافعي: أخبرني الزبير بن عبد الواحد الأسد آبادي قال سمعت أبا سعيد محمد بن عقيل الفاريابي يقول: قال المزني أو الربيع: كنا يوماً عند الشافعي بين الظهر والعصر قد استند إلى إسطوانة إذ جاء شيخ عليه جبة صوف وإزار صوف وفي يده عكازة فقام الشافعي وسوى عليه ثيابه واستوى جالساً وسلم الشيخ وجلس وأخذ الشافعي ينظر إلى الشيخ هيبة إذ قال الشيخ: أسأل؟ قال: سل.
قال: ايش الحجة في دين الله؟ قال الشافعي: كتاب الله.
قال: وماذا؟ قال: وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة.
قال: من أين قلت اتفاق الأمة؟ قال: في كتاب الله.
قال: ومن أين كتاب الله؟
قال: فتدبر الشافعي ساعة، فقال للشافعي: قد أجلتك ثلاثة أيام ولياليهن فإن جئت بحجة من كتاب الله في الاتفاق وإلا تب إلى الله تعالى.
فتغير لون الشافعي، ثم ذهب فلم يخرج ثلاثة أيام ولياليهن، فخرج إلينا في اليوم الثالث في ذلك الوقت يعني بين الظهر والعصر قد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه وهو مسقام، فجلس فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ فسلم وجلس وقال: حاجتي؟ فقال الشافعي: نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قال الله عز وجل (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) لا يصليه على خلاف المؤمنين إلا وهو فرض.
قال: صدقت، وقام وذهب.
قال الفاريابي: قال المزني أو الربيع قال الشافعي: لما ذهب الرجل قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه.
قال الراغب: لا حجة في الآية على ثبوت الإجماع، لأن المراد بقوله (سَبِيلِ
(١) هكذا في حاشية الطيبي على الكشاف والمشهور أنه ثلاث مرات، ولعله خطأ من الناسخ. والله أعلم. (مصحح النسخة الإلكترونية).