قوله:(ومعنى الاستعلاء في (على هدى) تمثيل تمكنهم من الهدى، واستقرارهم عليه بحال من اعتلى الشيء وركبه).
قال الطيبي: أي هو استعارة تمثيلية، واقعة على سبيل التبعية، وتقريره أن يقال: شبهت حالهم - وهي تمكنهم من الهدى، واستقرارهم عليه، وتمسكهم به - بحال من اعتلى الشيء وركبه، ثم استعير للحالة التي هي المشبه المتروك كلمة الاستعلاء المستعملة في المشبه به.
قال: ويدلك على أن الاستعارة التبعية تمثيلية الاستقراء، وبه يشعر قول صاحب " المفتاح " في استعارة " لعلّ " فتشبه حالُ المكلف - وكيت، وكيت - بحال المرتجي المخير. إلى آخره (١).
وقال الشيخ أكمل الدين: يعني أنه استعارة تمثيلية، فإن الاستعارة من فروع التشبيه، والتشبيه إما أن يكون وجهه منزعا من عدة أمور، أولا، والأوّل هو التمثيل، والثاني غيره.
ووجه ذلك ما ذكره بقوله:" شبهت حالهم بحال من اعتلى الشيء وركبه " فكما أن حال الراكب هي تمكنه من المركوب، واستقراره عليه، كذلك حال أولئك مع الهدى، فاستعير للمشبه كلمة " على " المستعملة للمشبه به، فليس معنى " على " هاهنا الاستعلاء، بل حالهم يشابه الاستعلاء.
وإنما قال:" معنى الاستعلاء "؛ لأنه من الاستعارة التبعية، فلا بد من تقدير الاستعارة في معنى الاستعلاء؛ ليسري إلى الحرف (٢).
وقال الشريف: يريد أن كلمة " على " هذه استعارة تبعية، شبه تمسك المتقين بالهدى باستعلاء الراكب على مركوبه في التمكن والاستقرار، فاستعير له الحرف الموضوع للاستعلاء، كما شبه استعلاء المصلوب على الجذع باستقرار المظروف في الظرف بجامع الثبات، فاستعير له الحرف الموضوع للظرفية.
وإنما قال:" معنى الاستعلاء " دون معنى " على "؛ لأن الاستعارة في الحرف تقع أولاً في متعلق معناه كالاستعلاء والظرفية والابتداء مثلا، ثم تسري إليه بتبعية.