قال أبو بكر ابن الأنباري في كتاب " الأضداد ": قال بعض أهل اللغة: كل من آثر شيئا على شيء فالعرب تجعل الإيثار له بمنزلة شرائه، واحتجوا بقول الشاعر. وذكر هذين البيتين (١).
* * *
[قوله:(ترشيح للمجاز)]
قال الشيخ سعد الدين: هو من رشح الأم ولدها باللبن القليل، تجعله في فيه شيئا بعد شيء إلى أن يقوى على المص، وفلان يرشح للوزارة: أي يربى، ويؤهل لها (٢). كذا في " الصحاح ".
وفي " الأساس ": فلان يرشح للخلافة. وأصله ترشيح الظبية ولدها، تعوده بالمشي، فيرشح، وغزال راشح، ورشح إذا مشى ونزا (٣).
ومعناه عندهم أن يقرن بالمجاز صفة، أو تفريع كلام يلائم المعنى الحقيقي، وأكثر ما يكون في الاستعارة، كقولك: جاوزت بحرا يتلاطم أملاجه، وقد يكون في المجاز المرسل، كقولهم: له اليد الطولى، أي القدرة الكاملة.
قال: وقد ذكرنا في " شرح التلخيص " نبذا من الكلام في أن اللفظ الدال على الترشيح حقيقة، أو مجاز، وفي الفرق بينه وبين الاستعارة التخييلية؛ إذ في كل منهما إثبات لوازم المستعار منه وملائماته.
وأما اشتبهاهه بالاستعارة بالكناية فلا يخطر ببال من له مسكة في علم البيان، لكن ينبغي أن يكون متحققا عندك أن الترشيح إنما يكون بعد تمام الاستعارة بالقرينة في التصريحية، وبالتخييل في المكنية، وأنه قد يكون مجازا عن الشيء، وقل لا يكون (٤).