الظالمين خاصة بل تعمكم، فأقيم جواب الشرط الثاني مقام جواب الشرط المقدر الذي هو مضمون الأمر لتسببه عنه وأنت خبير بأنَّ عموم إصابة الفتنة ليس سبباً عن عدم الإصابة ولا عن الأمر، وقيل: مراده أن التقدير: إن لم تتقوا أصابتكم على مذهب الكسائي وإن أصابتكم لا تخص الظالمين، وأنت خبير بأنه لا حاجة إلى اعتبار الواسطة بل يكفي إن لم تتقوا لا تصيب الظالمين خاصة. اهـ
[قوله:(أو النهي عن إرادة القول).]
قال الشيخ جمال الدين ابن هشام في المغني: وقوع الطلب صفة للنكرة ممتنع، فوجب إضمار القول، أي: واتقوا فتنة مقولاً فيها ذلك. اهـ
قال البدر ابن الدماميني: هذا هو المشهور بين القوم، وقرره بعض المتأخرين على وجه لا يحتاج معه إلى إضمار القول فقال: لا شك أن طلب الضرب مثلاً صفة قائمة بالمتكلم وليس حالاً من أحوال الرجل مثلاً في قولك: مررت برجل أضربه، إلا باعتبار تعلقه به أو كونه مقولاً فيه واستحقاقه أن يقال فيه فلا بد أن يلاحظ في وقوعه صفة له هذه الحيثية فكأنه قيل: مررت برجل مطلوب ضربه، أو مقول في حقه ذلك لا على معنى الحكاية بل على معنى أنه يستحق أن يقال فيه. اهـ
قوله:(حتى إذا جن الظلام واختلط ... جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط).
قال المبرد في الكامل: العرب تختصر التشبيه وربما أومأت إليه إيماء، قال أحد الرجاز:
بتنا بحسان ومعزاه تئط ... ما زلت أسعى بينهم وألتبط
حتى إذا جن الظلام واختلط ... جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط
يقول في لون الذئب واللبن إذا خلط بالماء ضرب إلى الغبرة. اهـ
قوله:(ويحتمل أن يكون نهياً بعد الأمر باتقاء الذنب عن التعرض للظلم فإن وباله يصيب الظالم خاصة).
قال أبو حيان: الذي دعاه إلى هذا استبعاد دخول نون التوكيد في المنفي بـ (لا) واعتياض تقريره نهياً فعدل إلى جعله دعاء، فيصير المعنى: لا أصابت الفتنة الظالمين خاصة، واستلزمت الدعاء على غير الظالمين فصار التقدير: لا أصابت ظالماً ولا غير