للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (أو للعذاب إن أريد به ما يعذب على حذف حرف الجر).

قال أبو البقاء: يجوز أن يكون الهاء للعذاب، وفيه وجهان: أنَّ يكون على حذف حرف الجر، أي: أعذب به أحداً، وأن يكون مفعولاً به على السعة، ويجوز أن يكون ضمير المصدر المؤكد نحو: ظننته زيداً منطلقاً، ولا تعود الهاء على العذاب الأول.

فإن قلت: (لا أُعَذِّبُهُ) صفة لـ (عذاب) وحينئذٍ لا راجع من الصفة إلى الموصوف؟

قلت: لما وقع الضمير موقع المصدر والصدر جنس عام و (عَذَابًا) نكرة كان الأول داخلاً في الثاني، نحو: زيد نعم الرجل. اهـ

قوله: (ولا تجعلها مثلة).

قال الطَّيبي: أراد بالمثلة العقوبة القريبة مثل المسخ. اهـ

قوله: ((قَالَ سُبْحَانَكَ) أي: أنزهك تنزيهاً من أن يكون لك شريك).

قال الطَّيبي: فإن قلت قوله (اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) لا يقتضي الشركة بل يقتضي اتخاذهما إلهين من دونه على أنه يوهم إنكار الإفراد ولأنهم لو اتخذوهما إلهين معه كان جائزاً لأنك إذا قلت: اتخذت فلاناً من دوني حبيباً، جاز إنكار إفراده بالاتخاذ؟ وأجاب الراغب بأن قوله (مِن دُونِ اللهِ) يحتمل وجهين: أحدهما: إنكار اتخاذهما معبودين، وعدم اتخاذه معبوداً، وذلك أنَّهم لما عبدوهما معه كان عبادتهم له غير معتد بها لأن الله تعالى لا يرضى أن يُعبد معه غيرُه، والثاني: أنَّ (دُون) هاهنا للقاصر عن الشيء، وهم عبدوا المسيح وأمه كيما يوصلا إلى عبادة الله سبحانه وتعالى، كما عبد الكفار الأصنام حيث قالوا (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى) فكأنه قيل: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين متوصلين بنا إلى الله، قال: سبحانك، منزهاً عن ذلك. اهـ

قوله: (وقوله (فى نفسك) للمشاكلة).

قال الطَّيبي: يعني لو لم يقل ما في نفسي لم يجز أن يقال (وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)، لأنه لا يجوز أن يطلق على الله تعالى ابتداءً اسم النفس.

قال الراغب: ويجوز أيضاً أن يكون القصد إلى نفي النفس عنه بها فكأنه قال تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>