قال الراغب: الكتب ضم أديم إلى أديم بالخياطة، وفي التعارف ضم الحروف بعضها إلى بعض في الخط، وقد يقال ذلك للمضموم بعضها إلى بعض في اللفظ، ولهذا سمي كتاب الله - وإن لم يكتب - كتابا (١)
* * *
قوله:(لَا رَيْبَ فِيهِ) معناه أنه لوضوحه وسطوع برهانه بحيث لا يرتاب العاقل) إلى آخره.
قال الطيبي: يعني ما نفى الريب بحيث ينتفي به المرتابون، وإنما نفى بطريق يرشد إلى أنه لا ينبغي لمرتاب أن يرتاب فيه، فإذن الكلام مع المرتابين، ويدل عليه أيضاً تصدير الكلام بأسامي حروف التهجي؛ لأنها كالتنبيه وقرع العصا لهم، كأنه قيل: أيها المرتابون تنبهوا من رقدة الجهالة، واعلموا أن القرآن من وضوح الدلالة وسطوع البرهان بحيث لا ينبغي لمرتاب أن يقع فيه، فينطبق على هذا استشهاده بقوله (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا)[سورة البقرة ٢٢]
وتفسيره حتى إذا عجزوا عنها تحقق لهم أن ليس فيه مجال للشبهة (٢)
قوله:(فإنه ما أبعد عنهم الريب) إلى آخره
قال الطيبي: أي خاطب المصرين على الريب الجازمين فيه بما يدل على خلوهم عنه، ولم يقصد به أنهم غير مرتابين، وإنما قصد به إرشادهم وتعريفهم الطريق إلى مزيل الريب على سبيل الاستدراج، يعني أن الارتياب من العاقل في مثل هذا المقام واجب الانتفاء، فلا يفرض إلا كما يفرض المحالات، وأنتم عقلاء ألباء تفكروا فيه، وجربوا نفوسكم، وانظروا هل تجدون فيه مجالا للريب (٣).
قوله:(و (هدى) حال من الضمير المجرور، والعامل فيه الظرف)
قال أبو حيان: هذا مشكل؛ لأن الحال تقييد، فيكون انتفاء الريب مقيدا بالحال، أي لا ريب يستقر فيه في حال كونه هدى للمتقين، لكن يزيل الإشكال أنها حال لازمة (٤).