وقال الشيخ سعد الدين: إنما كان الرفع أبلغ لما في النصب من إيهام التقييد بالظروف السابقة أعني (إِذْ أَخْرَجَهُ) و (إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ) و (إِذْ يَقُولُ)، لكن لا يخفى أن هذا ورد على قوله (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ) فالأَولى التعليل بأن جعل (وَكَلِمَةُ اللهِ) في حيز الجعل، والتصيير غير مناسب بل هو دائم ثابت، ولا كذلك تسفيل كلمة الذين كفروا فإنه عبارة عن جعل دعوتهم إلى الكفر مضمحلة مقهورة منكوسة فيما بين الناس، وأما التعليل بأن قولنا جعل الله كلمة الله هى العليا؛ بمنزلة: أعتق زيد غلام زيد؛ فمدفوع بأن في إضافة الكلمة إلى صريح اسم الله زيادة إعلاء لمكانها وتنويهاً بشأنها. اهـ
قوله:((لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ) ساد مسد جوابى القسم والشرط).
قال أبو حيان: ليس هذا بجيد بل للنحويين في هذا مذهبان أحدهما: أن (لَخَرَجْنَا) هو جواب القسم وجواب (لَو) محذوف على قاعدة اجتماع القسم والشرط إذا تقدم القسم على الشرط، وهو اختيار ابن عصفور، والآخر: أنَّ (لَخَرَجْنَا) هو جواب (لَو)، وجواب القسم هو (لَو) وجوابها، وهذا اختيار ابن مالك، وأما أنه سد مسدهما فلا أعلم أحداً ذهب إليه.
قال: ويحتمل أن يتأول كلامه على أنه لما حذف جواب (لَو) ودل عليه جواب القسم جعل كأنه سد مسدهما. اهـ
قوله:(وهو بدل من (سيحلفون)).
قال أبو حيان: هذا بعيد لأنَّ الإهلاك ليس مرادفاً للحلف ولا هو نوع منه، ولا يجوز أن يبدل فعل من فعل إلا أن يكون مرادفاً له أو نوعاً منه. اهـ
وقال الحلبي: يصح على أنه بدل اشتمال، وذلك لأنَّ الحلف سبب للإهلاك فهو مشتمل عليه فأبدل المسبب من سببه لاشتماله عليه، وله نظائر كثيرة منها قوله:
إن عليَّ الله أن تبايعا ... تؤخذَ كرهاً أو تجيء طائعا
فـ (تؤخذ) بدل من (تبايعا) بدل اشتمال بالمعنى المذكور، وليس أحدهما نوع من الآخر. اهـ
قلت: وهذا معنى قول المصنف: لأن الحلف الكاذب إيقاع للنفس في الهلاك.
قوله:(كناية عن خطئه في الإذن لهم فإن العفو من روادفه).